للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمسروا سلبهم أمامهم وهموا بإحراقهم وجمعوا الحطب لذلك فعلا، ولكن الله سلم، وباتوا شر مبيت لم يلتق واحد منهم بصاحبه ولم يدر ما فعل به.

ومن الغد اجتمعوا ودخلوا فاسا في حالة تعساء، يقف لسان القلم عن وصفها والتعبير عن شرحها، ولما حل المترجم بفاس ومثل مولاى سعيد بين يدى السلطان، رق لحاله وأعطاه كسوة من ملبوسه.

وأما العتاة فقد ازداد عيثهم وتكلبهم على النهب والقتل، وتمادوا على الهجوم على المحال المخزنية في كل بكرة وعشى، وأجلبت بخيلها ورجلها وضيقت بالعاصمة الفاسية، وقطعت عنها السبل وحاصرتها ونازلتها بين أسوارها، حتى فنيت صناديد رجال المخزن، وعدمت أمواله، وأصبحت المدينة وأهلها في خطر عظيم، وصار الكور والرصاص ينزل أمام السلطان بقعو داره، وأحزاب العتو والفساد في هيجان حتى صارت تشترط على السلطان الشروط وتهدده وتأمره بالرجوع للجادة في زعمهم وإبعاد بطانة السوء عنه، وحصروها في أفراد من حاشية بساطه وعظماء دولته، سموهم له وإعطائه كفيلا لهم يرضونه يلتزم بالوفاء بجميع ما شرطوه.

فعند ذلك اضطر السلطان إلى الإرسال لدولة فرنسا يستنجد بها، فلبت طلبته ووصلت جنودها لفاس، ومزقت جموح أحزاب الفئة الباغية كل ممزق وانتشرت أعلام المسلم.

ثم بعد ذلك قام العسكر المنظم ضد البعثة العسكرية المكلفة بتنظيم الجندية المغربية، وامتنع من قبول النظام والقوانين حتى وقعت مذبحة إبريل المشئومة على البلاد والعباد فلقد هم الجنرال موانى قائد الجيش الفرنسى بإطلاق أفواه المدافع على فاس، وتقويض أركانه، ولولا وجود سفير الدولة الفرنسية المعروف بالرزانة والثبات والعقل والسياسة رينو، ووقوفه أمام تيار غضب الجنرال المذكور وإقناعه

<<  <  ج: ص:  >  >>