للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأرسل الخليفة المذكور بالأمر بالحضور لمن ذكر فحضر القاضى والشرفاء والأعيان، ولم يحضر العامل لتوهمه أن ذلك الاستدعاء شبكة نصبت للقبض عليهم وجعلهم في الأغلال والسلاسل والتوجيه بهم للحضرة السلطانية على أقبح الحالات.

فتحزب وجمع عليه ما يزيد على ثلاثمائة من الرماة وطلع لقصبة أبي الجلود يريد الدار العالية وهو راكب بغلته والرماة محدقة به وباقى الأخلاط الزائدة عن العد منتشرة بالأرقة والطرقات الموصلة للقصور السلطانية حيث الخليفة السلطانى، ولما سمع الخليفة المولى إسماعيل بذلك وجه للسراج وأمنه وشرح القصد من جمعهم، فلم يثق هو ولا من معه بأمان الخليفة ولا مقاله، فراجعه الخليفة وأقسم له بالأيمان اللازمة وأعطاه عهودا ومواثيق على أنه لا يرى ولا يسمع ما يكدر باله، وإنما مراده بهذا الجمع الإصلاح وتسكين الروعة وتفهيم من لم يفهم، فلم ينفع في السراج وأحزابه من ذلك شئ، وتمادوا على الامتناع والإباية، وازداد اللغط والهرج والمرج والضجيج ووقع التشاجر والتخالف حتى كاد أن يقع الضرب بالبارود، ورعب السراج وخاف لحوق الأذى عاجلا والمسئولية آجلا ورجع لداره بعد عناء شديد.

ثم وجه للخليفة مولاى إسماعيل وقال له: إن كنت في قصدك صادقا فانزل لمسجد أبي الجنود وبه يكون اجتماعنا والمفاوضة فيما تريد، فحذر القاضى والعلماء مولاى إسماعيل من التوجه للمسجد المذكور لاختلاط الحابل بالنابل واشتداد شوكة السفهاء سخفة العقول الذين اعتقدوا أن الحل والربط صار بأيديهم، ورأوا أن يكتب الخليفة للسراج كتابا يشرح له فيه مراد السلطان من الكتاب الذى قرئ على منبر القرويين وفهمه العامة على غير وجهه، فاستحسن الخليفة رأيهم وكتب الكتاب بما ذكر، ووجه به للسراج مع العلماء والأعيان الذين كانوا بأبواب القصور

<<  <  ج: ص:  >  >>