للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيئاً فرفق بهم فارفق به ومن ولى من أمر أمتى شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه. وعنه عليه السَّلام: أيما أحد استرعى رعيته فلم يحطها بالأمانة والنصيحة ضاقت عليه رحمة الله التي وسعت كل شيء. وعنه عليه الصَّلاة والسلام: من أخون الخونة تجارة الوالى في رعيته. وفى الحديث: لكل شيء آفات وآفات هذا الدين ولاة السوء. وعنه - صلى الله عليه وسلم -: ما عدل وال اتجر في رعيته. وعنه عليه السَّلام: من ولى شيئاً من أمور المسلمين لم ينظر الله في حاجته حتَّى ينظر في حوائجهم. وعنه عليه الصَّلاة والسلام: ما من إمام أو وال يغلق بابه دون ذوى الحاجات والخلة والمسكنة إلَّا أغلق الله أبواب السماء دون حاجته وخلته ومسكنته. وفيه: ما من أمير يؤمر على عشرة إلَّا سئل عنهم يوم القيامة. وفيه: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت وهو غاش لرعيته إلَّا حرم الله عليه الجنة.

واعلموا أن ما ينزل بنا من الشدائد والمصائب، إنَّما هو من عدم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وارتكاب الذنوب، والإصرار على العيوب، وقد حذر الشارع عز وجل وأنذر، ووعظ وذكر، ورتب على كل ذنب عقوبة فقال جل ثناؤه: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٤)} [آل عمران: ١٠٤]، وقال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ... (٧١)} [التوبة: ٧١]، وقال عز وجل: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ... (١١٠)} [آل عمران: ١١٠]، ومن المنكر السكوت عن المنكر لمن يقدر على تغييره لقوله تعالى: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٧٩)} [المائدة: ٧٩]، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لتأمرن بالمعروف وتنهون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم".

ومن المنكر الذي لا يسع التغافل عنه والتساهل في أمره هذا الخطب النازل الوقتى الذي هو المجاهرة باستعباد الأحرار واسترقاقهم بدون وجه شرعيّ، فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>