للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثمانمائة وله ثلاث وسبعون سنة.

ولد بالقاهرة ونشأ بها طالبًا للعلم، فتفقّه على الشمس البِرْمَاوي والجلال البُلقيني والولي العراقي والبيجوري والعز بن جماعة ولازم البساطي في التفسير وأصول الدين ولازم العلاء البخاري وكان العلاء يُعَظّمه وحضر دروس المجد البرماوي والكمال الدّميري وأخذ الحديث عن الولي العراقي وابن حجر وانتفع به كثيرًا وسمع ابن الجزري وغيره ولكنه لم يكثر ومَهَرَ وتقدم في العلوم العقلية والنقلية، فدرّس وصنَّف كُتبًا أتقنها إلى الغاية مع الإيجاز، كـ "شرح جمع الجوامع" و"الورقات" و"المنهاج الفرعي" و"البردة" وعمل "منسكًا" و"تفسيرًا" لم يكمله (١) فرغبوا في تحصيل تأليفه وإقرائه، خصوصًا "شرح جمع الجوامع" وارتحل الفضلاء للأخذ عنه وتخرَّج به جماعة درَّسوا في حياته وحدَّث باليسير وولي تدريس الفقه بالبرقوقية سنة ٨٤٤ والمؤيدية وعرض عليه جقمق القضاء فأبى وكان إمامًا علّامة نظَّارًا معظّمًا مُهابًا، قُصد بالفتاوى من الأماكن، صحيح الذهن، حادّ القريحة والمزاج وقد حجّ مرارًا ولم يخلّف بعده مثله وكان يقول: أنا فهمي لا يقبل الخطأ لكنه لم يكن يقدر على الحفظ وحفظ كراسًا من بعض الكتب فامتلأ بدنه حرارة وكان متقشفًا في ملبوسه ومركوبه وظهرت له كرامات كثيرة. ذكره السخاوي والسيوطي.

٣٨٦٣ - الشيخ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن أبي بكر بن مرزوق التِّلِمْساني المالكي (٢)، المتوفى بالقاهرة في ربيع الأول سنة إحدى وثمانين وسبعمائة عن سبعين سنة. قرأ ببلاده ومهر (٣) في العربية والأصول والأدب والتحرير والتنقيح وسلاسة العباره ورحل إلى المشرق في [كنفٍ و] حشمةٍ وسمع بمكة من علمائها وبمصر من أبي حَيّان وأبي الفتح اليَعْمُري والجلال القَزويني والتقي السبكي والقطب الحلبي والتاج التّبريزي والأصفهاني والبرهان السفاقسي وخلائق، فبلغت شيوخه ألفي شيخ وكتب خطًا حسنًا وشرح "الشفاء" و"عمدة الأحكام" في ست مجلدات وله شرح عظيم على "قصيدة البوصيري" ثم رجع إلى الأندلس، فأقبل عليه سلطانها وقَلّده الخطابة، ثم وقعت له كائنة بسبب قتيل اتُّهم بمصاحبته،


(١) وقال السيوطي -وهو تلميذه- في "حسن المحاضرة" (١/ ٤٤٤: "وأجلُّ كتبه التي لم تكتمل "تفسير القرآن" كتب منه من أول [سورة] الكهف إلى آخر القرآن كرّاسًا ... وهو ممزوج محرَّر في غاية الحُسن وكتب على الفاتحة وآيات يسرة من [سورة] البقرة وقد أكملته بتكملة على نمطه من أول [سورة] البقرة إلى آخر] [سورة] الإسراء". وهو المعروف بـ "تفسير الجلالين" وقد طبع طبعات كثيرة.
(٢) ترجمته في "الدرر الكامنة" (٣/ ٣٦٠) و"إنباء الغمر" (١/ ٢٠٦) و"تعريف ذوي العُلا" ص ٢٨٧) و"النجوم الزاهرة" (١١/ ١٩٦) و"الديباج المذهب" (٣٠٥) و"الإحاطة في تاريخ غرناطة" (٣/ ١٠٣) و"بغية الوعاة" (١/ ٤٦) وما بين الحاصرتين مستدرك منه و"شذرات الذهب" (٨/ ٤٦٧) و"الأعلام" (٥/ ٣٢٨).
(٣) في "بغية الوعاة": "وتمهّر".

<<  <  ج: ص:  >  >>