للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولد بفاس وحجّ مع أبيه وجاور إلى أن مات أبوه وعرف بالبدوي لملازمته اللثام لا يفارقه لجرح بين عينيه. حفظ القرآن وتفقه، ثم لازم الصمت والعزلة وظهر عليه الوَلَهُ، ثم دخل العراق مع أخيه الحسين.

وصحب هناك الشيخ أحمد الرفاعي وعبد القادر الكيلاني (١). وكان يصوم صوم الوصال إلى أربعين يوماً لا ينام وهو في أكثر حاله شاخص البصر إلى السماء وعيناه (٢) كالجمرتين، ثم عاد إلى مصر سنة ٦٣٤، فأقام على سطح دارٍ، لا يفارقه وإذا عرض عليه الحال يصيح صياحاً متصلاً. وكان طوالاً غليظ الساقين كبير الوجه طويل الذراعين ولونه بين البياض والسمرة. وتواترت عنه كرامات وخوارق من أشهرها قصة المرأة التي أسر الفرنج ولدها فلاذت به فأحضره في قيوده. وكان شجاعاً.

روي أن الشيخ أحمد والشيخ عبد القادر قالا له: يا أحمد! مفاتيح العراق والهند واليمن والروم والمشرق والمغرب، بأيدينا فاختر [أيها شئت] فقال لهما: لا حاجة لي بمفاتيحكما، ما آخذ المفتاح إلا من الفتّاح.

وكان الملك الظاهر يعتقده وزاره. ولما قدم من العراق خرج مع جيشه تلقوه ولما مات استخلف على الفقراء سيدي عبد العال فسار سيرة حسنة وعَمَّر مقامه وعملوا له وقفاً وبنوا له زاوية. ذكره السيوطي والشعراني.

٤٦٧ - القاضي أبو الحسين أحمد بن علي بن إبراهيم بن الحسين بن الزبير القاضي الرشيد الغسَّاني الأسواني (٣)، المتوفَّى في محرم سنة ثلاث وستين وخمسمائة عن ...

كان كاتباً فقيهاً شاعراً نحوياً لغوياً عروضياً مؤرخاً مهندساً عارفاً بالطب والموسيقى والنجوم. وكان من أفراد الدهر من بيت كبير بالصعيد. وله تأليفات منها "أمنية الألمعي ومنية المدعي" يشتمل على علوم كثيرة و"جنان الجنان ورياض الأذهان" في شعراء مصر ذيَّل به على "اليتيمة" وله ديوان شعر و"شفاء العلة في سمت القبلة" ولي النظر بثغر الإسكندرية (٥٢/ أ- ب) والدواوين السلطانية بمصر. ثم سافر إلى اليمن وتقلد قضاءها وتلقّب بقاضي قضاة اليمن وداعي دعاة الزمن، ثم مالت نفسه إلى رتبة الخلافة فأجابه قوم إليها ونقشت له سكة، ثم قبض عليه وسيَّره إلى قوص وسجن بها ثم أطلق. ولما دخل أسد الدين شيركوه إلى البلاد مال إليه فكاتبه، فاتصل ذلك بوزير العاضد شاور، فتطلبه إلى أن ظفر به وأشهره وصلبه.


(١) يقال له: (الجيلاني) أيضاً.
(٢) في الأصل و (م): (وعينيه).
(٣) ترجمته في "معجم الأدباء" (٤/ ٥١) و"وفيات الأعيان" (١/ ١٦٠) و"الوافي بالوفيات" (٧/ ٢٢٠) و"الطالع السعيد" (٥٢) و"الأعلام" (١/ ١٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>