للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٤٦ - معمّر الحفاظ عماد الدين أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن سِلْفَة الأصفهاني الشافعي السلفي (١)، العلاَّمة مسند الدنيا، المتوفى بالإسكندرية في ربيع الآخر سنة ست وسبعين وخمسمائة، عن ست ومائة سنة.

ولد بمحلة جَرْوَاآن من محلات أصفهان ورحل وهو ابن سبع عشرة، فأدرك أبا الخطاب بن النظر ببغداد واشتغل بها على الكِيَا أبي الحسن في الفقه وعلى الخطيب التبريزي باللغة وروى عن ابن السَّرَّاج وغيره من الأئمة وعمل معجماً لشيوخ بغداد وجمع (٢) فيه الجمّ الغفير وفوائد، ثم حجَّ فسمع بالكوفة والحرمين والبصرة والجبل وأذربيجان وخراسان وفارس والشام، ممن لا يحصى وحدَّث بدمشق، ثم خرج إلى مصر فأكثر وأتقن في المذهب وبرع في الأدب وجوَّد القراءات بروايات. ودخل ثغر (٣) الإسكندرية سنة ٥١١ (٤) حافياً فقيراً لطلب العلم والحديث. وتمكّن بها وصارت له وجاهة وقصده الناس من الأماكن البعيدة وانتفعوا به ولم يكن في آخر عمره في عصره مثله. وبنى له العادل ابن السلاَّر الوزير مدرسة بالثغر وفوضها إليه. وقد مكث نيفاً وثمانين سنة يسمع عليه وهذه مزيّة ما حصلت لأحد غالباً وهو مشتغل بالنسخ والإفادة وتحصيل الكتب.

روى عنه القاضي عياض ومحمد بن طاهر المقدسي وسبطه أبو القاسم عبد الرحمن بن مكي. وقرئ عليه الحديث ليلة الخامس من شهر ربيع الآخر إلى أن غربت الشمس وهو يرد على القارئ التصحيف الخفي فلما صلى الصبح في أول وقتها قضى نحبه فجأة وقد جاوز المائة بلا ريب وإنما النزاع في مقدار الزيادة وقد أفرد الذهبي أخباره في جزء.

والسِّلَفي: بكسر السين، معرّب سِلْفَة وهو لقب جده إبراهيم لأن شفته الواحدة مشقوقة مثل شفتين. ذكره ابن خلكان وغيره.


(١) ترجمته في "تاريخ دمشق" (٧/ ١٧٩ - ١٨٢) من طبعة مجمع اللغة العربية بدمشق و"تهذيب تاريخ دمشق" (١/ ٤٤٩) و"وفيات الأعيان" (١/ ١٠٥) و"الوافي بالوفيات" (٧/ ٣٥١) و"سير أعلام النبلاء" (٥/ ٢١ - ٣٩) و"العبر" (٢/ ٢٢٧) و"تذكرة الحفاظ" (٤/ ١٢٩٨) و"طبقات الشافعية الكبرى" (٦/ ٣٢) و"البداية والنهاية" (٢/ ٣٧) و"شذرات الذهب" (٦/ ٤٢٠).
(٢) لفظ "وجمع" سقط من (م).
(٣) ولفظ "ثغر" سقط من (م).
(٤) في (م) "أحد عشر تسعمائة" وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>