للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسبعمائة واستولى على ما وراء النهر وتسلطن بها وغلب على أمراء الأطراف فانقادوا له، ثم وقع له غزوات وأسفار فيها حروب مع ولاة الممالك الإسلامية، فانتصر في الجميع وبعُد صيته ويعبّر عن سفرته بيورش. خرج إلى يورش سه سال (١) سنة ثمان وثمانين وسبعمائة. وإلى يورش بنج سال (٢) سنة أربع وتسعين وسبعمائة وإلى يورش هفت سال (٣) سنة اثنتين وثمانمائة، فجرى فيها وقائع وحروب طويلة. ومات في آخر تلك السفرة. قال ابن عربشاه: كان تيمور طويل النجاد، رفيع العماد، ذا قامةٍ شاهقة، كأنه من بقايا العمالقة، عظيم الجبهة والرأس، شديد القوة والبأس، عجيب الكون، أبيض اللون، فخيم الأطراف، عريض الاكتاف، مستكمل البنية، مسترسل اللحية، أشل أعرج اليمناوين، جهير الصوت قد ناهز الثمانين وهو كأنه صخرة صمَّاء لا يحب المزاح والكذب ولا يستميله اللهو واللعب، يعجبه الصدق ولو كان فيه ما يسوؤه لا يجري غالباً في مجلسه شيء من الكلام الفاحش ولا سفك دم، مقداماً شجاعاً ذا أفكار مصيبة وفراسات عجيبة وسعد فائق وجد موافق، محجاجاً دراكاً لا يخفى عليه تلبيسُ مُلَبِّس يفرق بين المحق والمبطل بفراسته ويدرك الناصح والغاش بدربة درايته، إذا أمر بأمر أو أشار بإشارة لا يرد عنه ولا يُثنى عنان عزيمته عن شيء منه وكان يقال له في ألقابه: صاحب قران الأقاليم السبعة وقهرمان الماء والطين وقاهر الملوك والسلاطين.

وكان محباً للعلماء، مقَرِّباً للسادات والشرفاء، يبغض بطبعه المضحكين والشعراء ويقرب المنجمين والأطباء، مغرماً بأرباب الصناعات والحرف، ملازماً للعب بالشطرنج الكبير ورقعته عشرة في إحدى عشرة، مواظباً لإقراء التواريخ سفراً وحضراً وكان معتقداً للقواعد الجنكيز خانية.

وكان أحفاده الذكور وقت وفاته ستة وثلاثين كلهم من أولاده الثلاثة: ميرزا جهانكير وميرزا شاهرخ وميرزا عمر شيخ.

وكان له تواريخ مشتملة على أخباره وكان يأمر بتدوين أخباره ووقائعه والناس في شأنه على طرفي الرد والقبول كما هي العادة في مثله.

* * *


(١) أي ثلاثة أعوام.
(٢) أي خمسة أعوام.
(٣) أي سبعة أعوام.

<<  <  ج: ص:  >  >>