للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن هذه الترجمة لا توافق ما قاله أبو العلاء فإن أبا العلاء يرى أن الإنسان إنما يقاس في ضوء أوضاعه الراهنة وأما [ما] مضى أو ما سيستقبله فلا يمكن أن نقطع فيه بشيء، والدليل على ذلك الأبيات الآتية التي وردت في اللزوم:

أنت ابن وقتك والماضي حديث كرى ... ولا حلاوة للباقي الذي غبَرا

خذ الآن فيما نحن فيه وخلِّيا ... غدًا فهو لم يقدم وأمسِ فقد مرّا (١)

ولعل أبا العلاء أراد من "ابن الوقت" نفس ما أراده الشيخ نذير أحمد (١ م) عندما أسمى أحد كتبه بـ "ابن الوقت" ولو نظر نكلسن إلى البيتين السالفين اللذين يتفقان في المعنى لما تعرض لهذا الخطأ.

[الأخطاء المشتركة لمرغليوث ونكلسن]

١ - يكتب مرغليوث (٢): كان أخوال أبي العلاء وأعمامه غير ملتزمين في العقائد فتأثر بها أبو العلاء وتدل القصيدة التي نقلها الصفدي على أنه لم يؤد الحج في عهدهم.

ويقول نكلسن (٣): لم يحج والده ولا أخواله وأعمامه الذين يعتبرهم أبو العلاء القدوة المثالية، الأمر الذي يحمل أهمية خاصة في صياغة معتقداته وأفكاره.

ولا يوجد برهان أقوى (٤) على العصبية التي تسيطر على الكاتبين من هذا القول، فإن مرغليوث نفسه قد فند الحكاية التي وردت في مناسبة الأبيات تالية مستهزءًا، ساخرًا، ورفضها رفضًا باتًا.

قالوا هرمت ولم تطرق تهامة في ... مشاة وفد ولا ركبان أجمالِ

فقلت إني ضرير والذين لهم ... رأي رأوا غير فرض الحج أمثالي

ما حجَّ جدي ولم يحجج أبي وأخي ... ولا ابن عمي ولم يعرف منى حالي

وحجَّ عنهم قضاء بعد ما ارتحلوا ... قوم سيقضون عني بعد ترحالي


(١) اللزوميّات ١/ ٤٨٩، ٤٩٨ (م. ي.).
(١ م) الشيخ نذير أحمد الدهلوي.
(٢) م، ص ١٣.
(٣) الأفكار ٤٥.
(٤) م، ص ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>