للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسبب بيت من أبيات "سقط الزند". توجد في "سقط الزند" ثلاثة أبيات (١):

وعلى الدهر من دماء الشهيديـ ... ـن عليٍّ ونَجلهِ شاهدانِ

فهما في أواخر الليل فجرا ... نِ وفي أوليَاتِه شَفَقَان

ثبتا فِي قميصه ليجيء الـ ... حشر مستعديًا إلى الرحمنِ

قرأ الشيخ نذير أحمد "ثبتًا" -على أنه مصدر- بدلًا من " ثبتا" (فعل ماضٍ، صيغة مثنى المذكر الغائب)، فقلت له: إذن يصير هذا البيت نثرًا، ثم بينت مرادي بتقطيع الشعر حسب قواعد العروض، فقال الشيخ:

شعر مي كويم به از آب حيات ... من ندانم فاعلاتن فاعلات

(أنا أقول الشعر أحسن من ماء الحياة، ولا أعرف فاعلاتن فاعلات)،

فقلت:

"ولكني أعرف "فاعلاتن فاعلات" هذه، فماذا أفعل"؟. حدثت هذه الواقعة سنة ١٩٠٦ - ١٩٠٧ م، ثم لم أذهب إليه، وإن كنت أتوقع من كرمه وتواضعه أنه لا يبخل عليَّ في إعطائي الفرصة للاستفادة منه.

ومما يدلّ على قدرة الشيخ نذير أحمد على نظم الشعر العربي أنه تقرر في كلية سينت استيفنس (بدلهي) مرةً أن يزورها الأمير حبيب الله خان، فوقع الاختيار على قصيدة من ديوان أبي العتاهية -الذي كان مقررًا آنذاك في الدراسة بمرحلة الكلية المتوسطة- لتنشد أمام الأمير، مطلعها (٢):

لَا يَذهبنَّ بك الأمَلْ ... حتى تقصَّر في الأجَلْ

فقال الطالب -الذي تقرر أنه سينشدها في الحفل- للشيخ نذير أحمد: "أنا أنتهي من إنشاد هذه الأبيات خلال ثلاث دقائق، زد عليها بعض الأبيات من عندك". فقال الشيخ في نفس البحر والقافية وأجاد:

اللهُ قدَّر في الأزَل ... أن لا نجاة بلا عملْ

النصح ليس بنافِعٍ ... والسيف قد سبق العذل


(١) سقط الزند ٩٦ (ط، بيروت ١٩٦٣ م).
(٢) انظر ديوانه ٣١٤ (تحقيق شكري فيصل).

<<  <  ج: ص:  >  >>