للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال قوم (١): كلا رد وإبطال لما قبله من الخبر، كما أن كذلك تحقيق وإثبات لما قبله من الخبر. قال والكاف في قوله كلا كاف تشبيه، و"لا" نفي وتبرئة.

وقال بعضهم: كلا تنفي شيئًا وتوجب غيره. فهذا ما قيل في كلا.

وأقرب ما يقال في ذلك أن كلا تقع في تصريف الكلام على أربعة أوجه:

أولها الرد، والثاني الردع، والثالث صلة اليمين وافتتاح الكلام بها كألا، والوجه الرابع التحقيق لما بعده من الأخبار.

وسأذكر ما جاء منها في كتاب الله عَزَّ وَجَلَّ على ترتيب هذه الوجوه الثلاثة [كذا].

حكايته لمقالة من زعم (٢) أن كلا منحوتة من كلمتين وأن الكاف للتشبيه، والرد على قائل ذلك إن شاء الله تعالى.

زعم بعض المتأخرين أن كلا رد وإبطال لما قبله من الخبر، كما أن كذلك تحقيق وإثبات لما قبله من الخبر، والكاف في كلا كاف تشبيه، وزعم أن أصل كلا التخفيف، إلا أنهم كانوا يكررون "لا" فيقولون: هذا الشيء كلا ولا (٣). ثم


= وقال الكسائي: إنه بمعنى حقا، وتبعه على ذلك ناس.
واعلم أن ابن فارس رحمه الله روى ألفاظ القوم كما رآها، وإلا فإنهم بأجمعهم متفقون على أحد المعنيين وهو الرد والردع والزجر، وأما الآخر فهو عند الكسائي حقًّا، وعند أبي حاتم ألا، وعند النضر أي، ويستعمل مع القسم وعليه خرج (كلا والقمر). وها هنا قول شاذ أغفل عنه لشذوذه؟ ونقله أبو حيان عن الفراء وأبي عبد الرحمن اليزيدي ومحمد بن سعدان أنه يأتي بمعنى صوف، قال: وهذا مذهب غريب.
(١) هو قول ثعلب، قال أبو حيان: وهذه دعوى لا يقوم عليها دليل. ونقل ابن يعيش عنه أيضًا أنه قال: لا يوقف على كلا في جميع القرآن لأنها جواب والفائدة فيما بعدها هـ. وهذا القول كالأول بلادليل، مع أنهم مجمعون على جواز الوقف عليه إذا كان للرد.
(٢) هو ثعلب وقد مر. وقوله "حكايته" كان في الأصل موضعه خطتر. ونقل قول ثعلب هذا في فقه اللغة ١٣٣ بقوله: وزعم ناس اهـ.
(٣) أي كاللفظ بلا، وهي كناية عن قلة اللبث والسرعة، وفي الأمثال "أقل من لفظ لا" قال الكميت:
كلا وكذا تغميضهم ثم هجتمُ ... لدى حين أن كانوا إلى النوم أفقرا
وفي شعر الحسن: أقل في اللفظ من لا.
من إيضاح المطرزي والشريشي (المقامة ٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>