للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا شريك له. والثالث أنها تحقيق لقوله بل هو الله العزيز الحكيم. وقال بعض أهل التأويل إنما رد على قوله ألحقتم به شركاء دون أن يكون ردًّا على قوله أروني، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أمر بأن يقول لهم أروني قال لهم ذلك. فكأنهم قالوا هذه هي الأصنام التي تضرنا وتنفعنا فاروه أيضًا إياها فرد عليهم ذلك بقوله (١) بل هو أي إن الذي (٢) يضركم وينفعكم ويرزقكم ويمنعكم هو الله. ومعنى قوله أروني ها هنا أعلموني. وأما قوله في سورة سأل سائل [المعارج ١١ - ١٥]: {لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ الآية كلا}. فرد لقولهم ثم ينجيه، أو رد لقوله لو يفتدى وقال في هذه السورة [المعارج ٣٩. ٤٠]: {أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (٣٨) كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ [مِمَّا يَعْلَمُونَ] (٣٩)} من نطفة كما خلقنا بني آدم كلهم، ومن حكمنا في بني آدم أن لا يدخل أحد منهم الجنة إلا بالإِيمان والعمل الصالح فلم يطمع كل امرئ منهم ليس بمؤمن ولا صالح أن يدخل الجنة ولا يدخلها إلا مؤمن صالح العمل. وأما قوله في سورة [المدثر ١٥، ١٦]: {ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (١٥) كَلَّا} فهو رد أن لا يزد [كلا]. وذلك أن الوليد كان يقول ما أعطيت أعطيته إلا من خير [؟ عز] ولا حرمه غيري إلا من هوان. فإن كان ما يقوله محمَّد حقًّا فما أعطاه في الآخرة أفضل، فقيل له ثم يطمع أن أزيد كلا أي لا يكون ذلك. وكذلك قوله [الفجر ١٥ - ١٧]: {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) - إلى قوله أَهَانَنِ (١٦) كَلَّا}. ومن الرد قوله [المدثر ٥٣,٥٢]: {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً (٥٢) كَلَّا}. أي لا مفر. أكد ذلك بقوله لا وزر تأكيد [آ] لقوله كلا. ومنه [المطففين ١٣, ١٤]: {إِذَا تُتْلَى عَلَيهِ آيَاتُنَا قَال أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٣) كَلَّا}. فهو رد أي أنها ليست بأساطير الأولين. ومن الرد قوله [الهمزة ٣, ٤]: {يَحْسَبُ أَنَّ مَالهُ أَخْلَدَهُ (٣) كَلَّا}. أي ليس كما يظن فإن ماله لن يخلده.

هذا ما في القرآن من النفي والرد بكلا.

وما كان في أشعار العرب منه وهو كثير قول القائل:

فقالوا (٣) قد بكيت فقلت كلا ... وهل يبكي من الطرب الجليد


(١) في الأصل "لقوله".
(٢) الأصل "اتنذ" ولعله "الله" أو "الإله".
(٣) وكذا رواه القالي فقالوا في النوادر والصواب كما قال ابن السيد (١٠٧، ٢٩٢) "فقلن" وقد سرد بيتين قبله =

<<  <  ج: ص:  >  >>