للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذوات الياء. لأنا إذا بنينا فِعلًا ونحوه من ذوات الواو قلبناها ياءً فقلنا عِيدٌ وقِيل وهما من عاد يعود وقال يقول. فإن قال قائل فلعل قولهم طاب يطيب من ذوات الواو وجاء على مثال حَسِب يحسِب وقد ذهب إلى ذلك قوم في قولهم تاهَ يتيهُ وهو من تَوهتُ (١). قيل له يمنع من ذلك أنَّهم يقولون طَيبتُ الرجلَ ولم يحكِ أحد طَوَّبتهُ. والمطيِّبون (٢) أحياء من قريش احتلفوا فغَمَسوا أيديَهم في طيب. فهذا يدلّك على أن الطِّيب من ذوات الياء. وكذلك قولهم أطيب من هذا. فأما حكاية أهل اللغة أنَّهم يقولون أوْبَةً وطَوبةً (٣) فإنما ذلك على معنى الإتباع كما يعتقد بعض النَّاس في قولهم حَيّاك الله وبَيّاك (٤) أنَّه إتباع وأن أصل بَيّاك بوّاك أي بوّأك منزلًا تَرْضاه (٥). وأما قولهم للآجُر طُوْب (٦) فإن كان عربيًّا صحيحًا فيجوز أن يكون اشتقاقه من غير لفظ الطِّيب إلَّا على رأي أبي الحسن سعيد بن مسعدة فإنَّه إذا بني فُعلًا من ذوات الياء يَقْلبه إلى الواو فيقول الطُوْب والعُوْش (٧). فإن كان الطُوْبُ الآجُرُّ اشتقاقُه من الطِّيب فإنما أريد به والله أعلم أن الموضع الذي يبنَى به طابت الإقامة فيه. ولعلنا لو سألنا من يرى طوبى في كل حين (٨) لِمَ حُذف منها الألف والسلام لم يُحرْ في ذلك جوابًا. وقد زعم سيبويه


(١) نقله في التاج عن ابن سيده. ومما يدل له التوه بالفتح ويضم الهلاك عن أبي زيد لغة في التيه. وتاه يتوه لغة. وما أتوه. وتوه تتويهًا. وفلاة توء بالضم.
(٢) في المنسوب للثعالبي ١١٠ هم أحلاف من قريش اجتمعوا لذلك وغمسوا أيديهم في الطِّيب ثم تصافحوا وتحالفوا وتعاقدوا. وحلف الفضول غير هذا الحلف لا هذا كما ذهب على اللغويين. وانظر التاج (طيب) والمنسوب ١١٠ والسهيلي مع السيرة ١: ٩٠ - ٩٢.
(٣) لفظ اللسان يقال للداخل طوبة وأوبة يريدون الطِّيب في المعنى دون اللفظ لأن تلك ياء وهذه واو. وهذا الاتباع أغفله ابن فارس في كتابه.
(٤) وفي كتاب الاتباع لابن فارس بياه اضحكه.
(٥) وفي الأصل يرضاه.
(٦) في المعرب ١٠٥ الطوبة لغة شامية وأحسبها رومية. قال الجوهري مصرية وابن دريد شامية وأظنها رومية وجمع بينهما ابن سيده.
(٧) وفي الأصل الغوش بالمعجمة وهو تصحيف إذ ليس مادة غيش ثمة أصلًا. على أنَّه مضى له ذكر العوشي من العيش تحت عدد ٤.
(٨) هذا الاستشكال على رأي من يراه من أفعل منك وأما من يزعمه مصدرًا كالرجعى والسقيا فلا يستشكل شيئًا وقال الرضيّ والجاربردى إما أن يكون طوبى مصدرًا كالرجعى قال تعالى طوبى لهم أي طيبًا وإما أن يكون أنثى أطيب منك فحقه الطوبى بأل وفي شرح الهادي أنَّه هو إلَّا أنَّه أجري مجرى الأسماء لأنه لا يكون وصفًا بغير أل فأجري مجرى الأسماء التي لا تكون صفات. ومثله كرسي.

<<  <  ج: ص:  >  >>