للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا وثبت بآخر شرح الواحدي طبعة بومباي (ص ٣٥٧ سنة ١٢٦٩ - ٧١ هـ). دون طبعة برلين (سنة ١٢٧٦ هـ) "هذا آخر ما اشتمل عليه ديوانه الذي رتّبه بنفسه وهو خمسة آلاف وأربعمائة وأربعة (كذا) وتسعون قافية" وهذا مُحال من القول ويدل عليه كلمة "أربعة" فإن كلمة القافية لو كانت في الأصل لكان يجب أن يقال "أربع" بالتذكير فلعل الأصل "بيتًا" موضع قافية. وهو يَقْرُب ما وجدتُه على وجه إحدى نسخَتي بومباي، ونصه "شعر المتنبيء، خمسة آلاف وأربعمائة وثمانية وسبعون بيتًا. قوله في الصبي وما والاه ألفان ومائتان وأربعة وستون بيتًا. وشعره في بني حَمْدان أَلْف وثمانمائة وخمسة وثمانون بيتًا. وشعره بعد مفارقة سيف الدولة أَلْف وثلاثمائة وتسعة وعشرون بيتًا" اهـ وهذا هو الصواب الذي لا مَحيد عنه.

ونسب الثعالبيّ (١) -ومنزلته من الأدب والنقد وسعة الرواية ما هو معلوم- هذين البيتين الفَذَّين إلى أبي الطيّب:

أفيكم فَتى حيٌّ فيخبرني عني ... بما شَرِبت مشروبةُ الراح من ذهني

(اليتيمة ١: ١٠٣ و ١٢٤).

ألا إن الندى أضحى أميرًا ... على مال الأمير أبي الحسين

وهما لأبي تمّام ويوجدان في ديوانه (طبعة بيروت سنة ١٨٨٩ م ص ٣٥٢ و ٢٨٧).

ورُوي للمتنبيء نثر لطيف (الوفيات ١: ٣٦ وسرح العيون ١: ٣٢) وهو -وقد مرض بمصر فعاده بعض أصحابه مرارًا ثم انقطع عنه بعد ما شفي- "وصلتني وصلك الله معتلًا، وهجرتَني مُبتلًا (وبليلا تصحيف) فإن رأيت أن لا تحبّب العلَّةَ إليّ، ولا تكدِّر الصحَّةَ عليَّ، فعلتَ إن شاء الله".

وروى البديعيّ (١: ٤١٨) عن ياقوت قال: كان المتنبيء يومًا جالسًا بواسطَ فدخل عليه بعض النَّاس فقال أريد أن تجيز لنا هذا البيت:

زارنا في الظلام يطلب سِتْرا ... فافتضحنا بنوره في الظلام

فرفع رأسه وكان ابنه المُحَسَّد واقفًا بين يديه فقال يَا محمَّد [قد جاءك بالشمال فأتِه باليمين فقال المحسَّد ارتجالًا].


(١) وقال ابن خلكان أن الثعالبي قد نسب أشياء إلى غير أهلها. انظر الوفيات سنة ١٣١٠ هـ ١: ٣٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>