للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن تكون اللام للتعليل لأنه لما ذكر اختصاص لما بالنفي والقلب، علم بالالتزام أنها للجزم فالتعليل بأحد المستلزمين نوع من البلاغة، ولما هذه تنفي المضارع، وتصرف معاه إلى الماضي عند المبرد وعند أكثر المتأخرين، وعند أبي موسى تصرف لفظ الماضي إلى المضارع، وهذا نُسب إلى سيبويه، ذكره شارح "الألفية".

متصلًا: حال من [المضاف إليه وهو] المضارع، ونفيه: فاعل متصلًا، وضمير نفيه راجع إلى المضارع ومُتَوقعا، يجوز أن يكون حالًا من المضارع، فيكون حالًا مترادفة، وأن يكون حالًا من نفيه، فيكون من قبيل حال المداخلة قوله ثبوته: فاعل متوقعًا.

واعلم أن (لم) و (لما) تشتركان في نفي المضارع وقلبه ماضيًا، وأمّا كون النفي متصلًا إلى زمان النطق، ومتوقع الثبوت، مما تنفرد به لما، فلذلك لا يحسن أن يقول: لما يُضرب زيد ثم ضُرب، بخلاف لم.

ألا يُرَى، يريد المصنف إثبات كون نفيها متصلًا، وثبوتها متوقعًا بتنزيل المعقول مرتبة المحسوس. أن المعنى في الآية الكريمة: أنهم لم يذوقوه إلى هذا الآن، معنى الآن: الزمان الذي يقع فيه كلام المتكلم. وهو آخر ما مضى من الوقت، وهو أوّل ما يأتي منه، وهو مبني على الفتح بناء لازمًا عند جميع النّحاة، لكن اختلفوا في علة بنائه.

قال سيبويه والأخفش والمازني والزجاج: لمشابهته لاسم الإشارة، وإن قولك الآن معاه هذا الوقت.

وقال السيرافي: لمشابهة الحروف يلزمها في أصل الموضع على وتيرة واحدة، فإنها لا تُثنّى ولا تُجمع ولا تُصَغر، فيكون في الاستعمال مع لام التعريف.

قال أبو علي الفارسي: لتضمنه معنى لام التعريف، وأمّا لام الظاهرة فليس للتعريف إذ شرط لام التعريف أن تدخل على النكرات فتعرفها، و (الآن) لم يُسمع مجردًا عنها، وفي هذا الدليل مناقشة ظاهرة، ولا تخفى على المتأمل.