للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اعلم: أن الغاية قد تكون في الخساسة والشرف كما في المثالين المذكورين، وقد يكون في القوة والضعف، وأشار إليه المصنف بقوله، وقول الشاعر: عطف على ماتَ الناس:

قَهَرنَاكُمُ حتى الكُمَاةَ، فَأنتمُ

والكَماءُ بفتح الكاف هو الشجاعة، وجمعه الكُماة، بضم الكاف، كأنهم جمعوا كام مثل قاض وقضاة، كذا في "الصحاح"

تَهَابُوننا حتى بنينا الأصاغِرَا [الطويل]

الهيبة والمهابة هي الإجلال والمخافة، فالمعنى: أنتم تهابوننا بغاية المهابة، وإنما قلنا كذا لأن المفاعلة والمتفاعلة إذا كانتا من جانب واحد تكونان للمبالغة، وهنا كذلك.

ولما كان مصرعا هذا البيت جامعًا للغايتين أشار إليه بقوله: فالكماة: الفاء إمّا للتفسير. أو لربط الجزاء للشرط المحذوف، غاية في القوة، والبنون الأصاغر غاية في الضعف.

والثالث: أن يكون حتى حرف ابتداء، وإنما سُمي به لأنه يبتدأ به لأنه داخل على المبتدأ كما توهم البعض، لأنه قد تدخل على الفعل، والفعل لا يكون مبتدأ.

ويرشدك إليه قول المصنف: فتدخل على ثلاثة أشياء: جمعُ شيء، وفيها مذاهب، وإنها غير منصرف بالاتفاق، قال الكسائي: أشياء على وزن أفْعَال مثل: فَرَح وأفرَاح، وإنما تُرك صرفها لكثرة استعمالها، ولأنها شبهت بفعلاء، كذا قالوا، لكن هذا لا يوجب عدم انصرافها كما في أبناء وأسماء، ولهذا قال "شارح الديباجة ": فعلى هذا القول منصرف.

وقال الخليل: أصلها شيئاء على وزن فعلاء، جمع على غير واحد، ثم استثقلوا الهمزتين في آخره فقلبوا الأولى إلى الصدر فصار: أشياء، وعلى وزن أفعال, ويدل على صحة ذلك أنها لا تنصرف، وأنها تصغر على أشيياء، وقال الأخفش والفراء: أصلها أشيئاء