للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يُلْزِم من تعبير صاحب الكشاف: "أما كلمة فيها معنى الشرط" كونها اسمًا، لأنَّ إطلاق الكلمة على الحرف جائز، وإنَّما عبَّر بالكلمة إشعارًا إلى خفاء حرفيتها، من حيث إنَّها عملت في الظروف النصب، وتضمنت معنى (مهما). وبعض الفضلاء تكلف في التوفيق بين ما قال ابن الحاجب والزمخشري بأن قال: يجوز أن يكون مراد ابن الحاجب (أمّا) المركبة التي أصلها (أن) (ما)، ومراد الزمخشري (أما) المفردة المتضمنة للشرط لأنَّ جميع شراح الكافية فسروها بمهما يكن، فلو كان مراد ابن الحاجب (أما) المركبة لما جاز التفسير به، والحقُّ أن النزاع في (أما) المفردة وإن التوفيق ما قاله: جلال الدين العجدواني، وهو أن صاحب "الكشاف" اعتبر ما كان خالصًا للشرط، وابن الحاجب ما فيه معنى الشرط.

وأدرج ماله معنى الشرط (في حرف الشرط)، فيكون جمعًا بين الحقيقة والمجاز. ومن هذا قال: إطلاق حرف الشرط على (أما) التفصيلية مجاز.

ولهذا فسر بعض شراح تلك الرسالة قوله: حرف شرط، أبي حرف مؤوّل باسم شرط وتفصيل. وذلك التفصيل قد يكون لمجمل سابق كقوله:

أنا أود وأقلى؛ أما من أوده فالعالم، وأمَّا من أقلاه فالجاهل. وقد يكون لتفصيل ما أجمَلَهُ في الذهن [ويكون] معلومًا للمخاطب بواسطة سبق ما يدل على المتعدد بوجه ما، كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ: مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا. .}.

وقد يجيء للإستئناف من غير أن يتقدمها ما يدل على المتعدد كـ (أما) الواقعة في أوائل الكلام المنقطع عما قبله، ومنها ما يأتي في أوائل الكتاب والرسالة، ومتى كان تفصيلًا لمجمل وجب تكرارها.