للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله فيها: {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ} [الحشر: ١٤] هي دليل على أن منشأ الاختلافات إنّما هو ضعف في العقل؛ لأنّ العاقل يعلم أن الاتفاق خير من الاختلاف؛ فإذا اتفقت أنت وأخوك كانت جهوده معك، وإذا اختلفتما كانت جهود كل منكما ضدّ الآخر، وضعف العقل إنما يداوى بدواء القرآن؛ لأن القرآن نور، يقول الله: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا} [التغابن: ٨]، ويقول: {وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى: ٥٢]، هذا النور القرآني هو الذي يكشف ظلام الجهل، ويبيّن الحق من الباطل، والنّافع من الضار، والحسن من القبيح، والله يقول في كتابه: {أَوَمَنْ كَانَ مَيتًا فَأَحْيَينَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام: ١٢٢].

فهذه الآية بيّنت أن دين الإسلام حياة بعد الموت، ونور بعد الظّلام، فعلينا أن نستضيء بهذا النَّور -نور القرآن العظيم- ونرى الحق في باطنه حقًّا، والباطل باطلًا، ونميز بين ما يضر وما ينفع، والسبب الأساسي لذلك أن نتحد ونكون إخوانًا متعاونين، لأنّ الخلاف هو سبب كل شرّ، وكلّ تأخر، وقد يكون العقلاء بينهم اختلاف وجهات نظر، ولكنّ هذا الخلاف لا يؤثر؛ لأنّ الأصول العظام لا خلاف فيها؛ دين واحد، وربّ واحد، ونبيّ واحد، وكتابٌ واحد، وقبلةٌ واحدة، كلّنا نستقبل قبلةً واحدة، ونحجّ بيتًا واحدًا، ونتلوا قرآنًا واحدًا، ونؤمن برب واحد، ونصدق بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، هو رسولنا، وإنَا نصدق بجميع الرّسل ولا سيّما رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، فالخلاف في المسائل البسيطة لا ينبغي أن يكون سببًا للتفكك، وعدم المساعدة، والصحابة -رضوان

<<  <   >  >>