للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَحّ سليم القريحة. يقول (١):

إن العيون التي في طرفها حَوَرٌ ... قتلننا ثم لم يحيين قتلانا

يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به ... وهن أضعف خلق الله أركانا

فأثنى عليهن بالضعف، والرجل لو قيل عنه الضعف لكان ذمًّا؛ فلأجل المنافاة في الخلقة والطبيعة يكون الوصف الذي هو ذم لهذا هو بعينه مدح لهذا، وكذلك الرجل الذي لا يقدر أن يُبين في الخصام هذا عيب في الرجال، وربما كان هذا من محاسن النساء التي تجذب إليهن القلوب، هذا عبد الله بن الزميه يقول (٢):

بنفسي وأهلي من إذا عرضوا له ... ببعض الأذى لم يدر كيف يُجيبُ

فلم يعتذر عذر البريء ولم تزل ... به سكتة حتى يقال مريب

فجعل هذا العي وعدم الإبانة في الخصام كما قال الله: {وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيرُ مُبِينٍ} [الزخرف: ١٨] جعله من محاسنهن الذي يجلب إليهن القلوب ويُستحسن منهن، وهو نقص في الرجال.

فهذه حِكَمُ الله وأموره الشرعية الحسيّة المعقولة أن المرأة تخالف الرجل في جبلتها وطبيعتها، ولأجل تلك الخلافات الطبيعية اختلفا في الأحكام، فكان الرجل لقوة ذكورته وكمالها قائمًا على


(١) ديوان جرير (ص ٤٥٢).
(٢) ديوان مجنون ليلى (ص ٢٩)، عيون الأخبار (٣/ ١٠٣)، الشعر والشعراء (ص ٤٩٢).

<<  <   >  >>