للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (٣١) ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَينَا مِنْ عِبَادِنَا} [فاطر / ٢٩ - ٣٢]، فبين أن إيراثه علامة الاصطفاء، ثم قال: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيرَاتِ} [فاطر / ٣٢] ثم بيّن أنّ هذا القرآن هو أعظم نعمة {ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٣٢)}.

ثم جاء بوعده الصادق: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاورَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (٣٣)} [فاطر / ٣٣] الواو في قوله: {يَدْخُلُونَهَا} شاملة للأصناف الثلاثة وعلى رأسهم الظالم لنفسه، وكان بعض العلماء يقول: "حُقَّ لهذه الواو أن تكتب بماء العينين" (١)؛ لأنَّ واو {يَدْخُلُونَهَا} فيها وعد صادق بالجنة للجميع وعلى رأسهم الظالم لنفسه.

وكان بعض العلماء يقول: "ما الحكمة في تقديم الظالم لنفسه قبل السابق والمقتصد، والله حكيم لا يقدِّم إلَّا لنكتة تستوجب التقديم"؟ ! (٢).

كان بعض العلماء يقول: هذا مقام إظهار الكرم، فقدَّم الظالم لئلا يقنط، وأخّر السابق بالخيرات لئلا يعجب بعمله فيحبط.

وكان بعض العلماء يقول: أكثر أهل الجنَّة الظالمون لأنفسهم؛ لأنَّ الله يقول: {إلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} [ص / ٢٤].


(١) انظر: الأضواء (٦/ ١٦٥)، العذب النمير (تفسير الآية ٤٧ من سورة البقرة).
(٢) انظر: القرطبي (١٤/ ٣٤٩)، الأضواء (٦/ ١٦٥)، العذب النمير (تفسير الآية ٤٧ من سورة البقرة).

<<  <   >  >>