للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثل ذلك في الدلالة على الفِعْلية اتصالُ ضمير الرفع البارز، كما حَكى الكسائي: الزيدان نَعْمَا رَجُلَيْن، والزيدون نِعْمُوا رجالا، ونحو ذلك (١).

فإن قيل: الدليل على أنهما اسمان صَلاَحِيةُ خواصِّ الأسماء معهما، وجَريَانُهما مجراها، فمن ذلك/ أنهما لا يتصرَّفان للماضي ولا للأمر ولا للمضارع، ولا يدلاَّن على زمانٍ ماضٍ ولا ٥٤٢ حاضرٍ ولا مستقبل. وهذا سبيل الأسماء لا سبيل الأفعال.

ومن ذلك دخولُ الجارِّ عليهما، وهو مختصٌّ بالأسماء، كقولهم: ما زيدٌ بِنِعْمَ الرجلُ، وقال بعض العرب: نِعْمَ السَّيْرُ على بِئْسَ العَيْرُ (٢)، وحَكى الفراء: واللهِ ما هي بنِعْمَ المولودةُ (٣).

وكذلك دخولُ حرف النداء، نحو: يَا نِعْمَ المَوْلَى، ويا نعْمَ النَّصِيرُ. ولا يسوغ تقدير المنادى هنا، إذ لا يكون ذلك إلا في الأَمْر وما جرى مجراه، نحو قراءة الكسائي {أَلاَ يا اسْجُدُوا لِلَّه (٤)} وقول ذي الرُّمة (٥):


(١) ابن يعيش ٧/ ١٢٧.
(٢) العَيْر: الحمار، وحشياً كان أو أهليا. قاله رجل سار إلى محبوبته على حمار بطيء السير.
(٣) في ابن يعيش (٧/ ١٢٨) ((وحكى الفراء أن اعرابيا بُشِّر بمولودة، فقيل له: نعم المولودة مولودتُك، فقال: والله ماهي بنعم المولُودة)) ويروى ((والله ما هي بنعم الولد، نصرها بكاء، وبِرُّها سرقة)).
(٤) سورة النمل/ آية ٢٥، وفي التيسير (١٦٧) ((ويقف ((ألاَيَا)) ويبتدئ ((اسْجُدوُا)) على الأمر، أي: ألا يأيها الناس اسجدوا)).
(٥) ديوانه ٢٠٦، وأمالي ابن الشجري ٢/ ١٥١، والمغني ٢٤٣، والتصريح ١/ ١٨٥، والهمع ٢/ ٦٦، ٤/ ٩٦، ٣٦٧، والأشموني ١/ ٣٧، ٢٢٨، والعيني ٢/ ٦، والدرر ١/ ٨١، ٢/ ٢٣، ٢٦. والبِلى: القدم والتقرب إلى الفناء، يقال بَلِي الثوبُ يَبْلَى، بِلى وبَلاء. ومنهلا: منصبا منسكبا. والجرعاء: كل رملة مستوية لا تنبت شيئا. والقطر: المطر. يدعو لدار مَيّ محبوبته بالسلامة وطول البقاء على الرغم من قَدَمها، وأن تبقى في خصب وسعة كما عهدها، بدوام نزول الأمطار عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>