للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زيداً راكباً، وما أشبهه، فإنها، وإن كانت تابعة لما قبلها في الإعراب الحاصل فيها، لم يَحْصُلْ فيها التَّبَعيَّة المطلقة، فإن هذه الأمثلة، أعني (قائماً، وراكباً) وسواهما من ثَوَانِي المفعولات لا تَتْبع في غير ذلك الإعراب الخاص، ألا ترى أنك إذا قلت: عُلِم زيدٌ قائماً، ورُئِيَ زيدٌ راكباً، انحرمت التَّبَعيَّة، فدل على أنها في الحقيقة ليست بتَبَعِيَّة، وإنما كانت موافقةً في الإعراب اتَّفَاقِيَّة، فإنَّما يريد بقوله: ((في الإعْرابٍ)) العمومَ في وجوهه كلها. وذكر أنواعاً أربعة، وهي في الحقيقة خمسة، يُزاد عليها عطفُ البيان، وقد كره وبَوَّب عليه اجتراء بلفظ ((عَطْفٌ)) لأن العطف على وجهين، عطفُ بيان، وعطفُ نَسَق، والعطف يقال عليهما باشتراكٍ لا بتَوَاطُؤٍ (١)، إذ لم يشتركا في معنى كُلِّي إلا في المعنى الذي اشتركت فيه التوابعُ كلها، فكان الأَوْلَى أَلاَّ يأتي لهما بلفظ واحد، لكن ذلك قريب، والخَطْب فيه يسير.

وقد يَرِد عليه أن كلامه يقتضي أن التوابع مختصة بالأسماء، إذ حَكَم أن التوابع تتْبع الأسماء الأُوَل، فكأنه عنده حكمٌ ثالث مضافٌ إلى الحكمين المذكورين قبل هذا، وإلاَّ فما الفائدة في ذكر الأسماء هنا؟

وإذا كان ظاهر كلامه أنه حكم ثالث لازم انْتَقض عليه بأن العطف يكون في الأسماء والأفعال، وقدَ نَصَّ على ذلك في باب ((العطف)) إذ قال: ((وعَطْفُكَ الفِعْلَ على الفِعْل يَصحْ)).

والبدل أيضاً يكون في الفعل كما يكون في الاسم، كقولك: إن تُكْرِمْنيِ تُحْسِنْ إلىَّ أشكرْك. ومن قوله تعالى: {ومَنْ يَفْعلْ ذَلِكَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ


(١) المشترك هو اللفظ الذي وضع لأكثر من معنى وضعا مستقلا، مثل العَين، والمتواطئ هو اللَفظ الذي وضَع لمعنى كلي يشمل أفراده بدون تفاوت، مثل: الحيوان، والإنسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>