للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكانت فحواها مطابقة لشهادة واحد من هذه الأجيال التي تلقت "التفريغ" في نظام دنلوب ومدارسه، شهدها من موقعه في هذا الجيل "المفرغ".

فهل في شيء من هذا ما يدل على أنى وصفت الدكتور طه واتهمته، بأنه هو الذي فعل ذلك "التفريغ"؟ وإذا كان الأمر الآن واضحا لقارئ مجلة العربي، فماذا يقول لهذا الكاتب الذي يحمل شهادة الدكتوراه، فيقول عني إني أول من أطلق اتهام الدكتور طه بتهمة وضعها بين قوسين، هي: (إذا كان هناك تخريب في الثقافة المصرية، فإن المسئول عن هذا التخريب هو طه حسين، لأنه بتشككه في الثقافة العربية قد أحدث نوعا من التفريغ في العقل العربي)؟

وهذا الكاتب -كما قلت- بين ثلاثة أمور: إما أنه لم يقرأ لي شيئا قط، وإما أنه قرأ ولم يفهم، وإما أنه فهم شيئا عن طريق التوهم، لا عن طريق الاستنباط من لفظى وكلامى. ولا أحب أن أدع قارئ مجلة العربي مترددا في اختيار خصلة من هذه الخصال الثلاث، فلذلك سوف آتيه بالدليل القاطع على أنه لم يقرأ ما كتبت عن الدكتور طه، وإنما هي ألفاظ تلقاها من تخاليط جالس على مقهي من مقاهي الثرثرة. وذلك أنه قال بعد ما نسبه إليّ مباشرة ما يأتي:

"لقد كان طه حسين زميلا أزهريا للأستاذ شاكر، سبقه إلى ذلك المعهد العتيد، وتعلم على مشايخه الأجلاء أساليب الحوار، وطرائق الرفض والقبول، وكانت ظروفه الاجتماعية، وتكوينه النفسي، يهيئانه لغير ما تهيأ له الأستاذ شاكر".

فالذي يقول مثل هذا الخلط، لا يمكن أن يكون قرأ ما كتبت ولم يفهمه، ولا أن يكون فهم شيئا عن طريق التوهم ولا عن طريق الاستنباط، لأنى قصصت في خلال كلامي عن "التفريغ" جزءا من تاريخ حياتى، منذ كنت طالبا صغيرا في مدارس دنلوب، ثم في القسم العلمي حتى نلت شهادة البكالوريا (الثانوية العامة)، ثم دخلت الجامعة، ثم فارقتها، وفارقت أرض مضر مدة سنتين، ثم عدت لأسير سيرتى التي أنا فيها من يومئذ إلى الآن، فهل هذا هو "الأزهر"؟ ولا أستطيع أن أتوهم أن حاملا للدكتوراه لا يستطيع أن يفرق بين "مدارس دنلوب" التي فرغتنى وفرغت جيلى، وبين لفظ "الأزهر".