للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والصواب عندي أن يكون "اندَرَأوا عليه. . . ." أي هجموا واندفعوا، ومن قرأ النص عرف أن هذا هو حق السياق، وكذلك في ص ١١٠ "وفارس ميدان البيان، وذات صدر الزمان" وفي نسخة "وأذات" وكلاهما ليس له معنى، وهو محرف عن "ودُرَّة" أو أي شيء يكون حليًا للصدر. . . ونحن لا نتتبع وإنما نقلب بعض أوراقه الآن على غير ترتيب، ومع ذلك فهو أجود بكثير من أغلب كتب المستشرقين.

هذا. . .، وليس كل المستشرقين ممن يصح الاعتماد عليهم في كل شيء، فقد طبعوا كثيرًا من الكتب. . .، وأقل كتاب وأردأُه مما يطبع في مصر هو خير من مثل هذه الكتب. فلو أخذت مثلًا "كتاب الزُّهرة" لابن داود الظاهري، الذي طبعه الأستاذ "لويس نيكل" بمساعدة الأخ "إبراهيم طوقان" (*)، لوجدت أكثره خطأً، بعد الذي بذله الأستاذ طوقان في الاستدراك عليه. . . ولو شئنا أن نضرب المثال بعد المثال على ذلك لضاق المكان عن إتمام ذلك.

[مباحثهم]

أما مباحث المستشرقين فهذه هي موضوع الإشكال كله، والمستشرقون -كما لا يشك أحد- ثلاث فئات: فئة المتعصبين الذين تعلموا العربية في الكنائس لخدمة التبشير، وهم الأصل، لأن الاستشراق في أوله كان قد نشأ هنالك بين رجال الدين. . . وفئة المستشرقين الذي يخدمون السياسة الاستعمارية في الشرق العربي، وفئة العلماء الذين يظن أنهم تجرّدوا من الغرضين جميعًا. . .

فأما الفئة الأولى والثانية فما نظن أكثر أقوالهم في المباحث الإسلامية إلا جانحًا إلى غرض أو مركوسًا (١) بقوله إليه، وهم أكثرية المستشرقين، ولا نظن أن كلام هؤلاء مما يمكن أن يعتمده أحدٌ إلا أن يكون مفتونًا جاهلًا. وأما الفئة


(*) ترجم الأستاذ بدوي هذا الإسم فجعله "توقان"! ! شاكر.
(١) مركوسا: ركس الشيءَ وأركسه: قَلَبَه ورَدَّه إلى أوله. وفي التنزيل العزي {وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا"، أي رَدَّهم إلى الكفر.