للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيما ينقل عنها أو يصف منها، لأن نسبة شيء من الأشياء إليها قد يكون مما يتوهم أحدٌ منه وهمًا يخرج -فيما يُقبل من أمر الدنيا- بحقيقة الرسالة التي أرسلوا بها عن القانون الإلهي الَّذي عَمِلوا به ليحققوا كلمة الله التي تعلو أبدًا، وتُزْهِر دائمًا، وتبقى على امتداد الزمن روح الحياة البشرية وميزان أمر الناس في هذه الدنيا.

وليس يقال في قصة صاحبنا أو غيرها أَنَّ ما أُنْطِقَ به الرسول لا يتناول تشريعًا أو أدبًا أو حكمة، وإنما يتناول الكلام المُتَعَاطَى بين الناس فليس به من ثَمَّ بأسٌ. . . . ليس يقال مثل هذا لأن التشريع حين يوضع ويراد به سدُّ أبوابٍ من الشر والفتنة يأتي منعًا مصمتًا لا مَدخلَ فيه ولا ثغر حتَّى يدفع المُحَزِّيين (١) والمفسدين والعابثين ويضرب على أيديهم من كل ناحية. ولو كان الأمر على غير ذلك لتناول كل لصٍّ مفتاحَ الباب الَّذي يريد أن يدخل منه إلى عقول الناس ليستغرَّهم ويزلزلهم من جنة الإيمان إلى جحيم الإلحاد في الدين من الطريق الخفي الَّذي لا تُبْصِر فيه العامة ولا تَهدى به إلى أرشد أمرها في الحياة.

فنحن هنا نتقدم إلى الأستاذ صاحب القصة بأن يتدبر ما شاء، فهو سيدع ما سلك إلى سبيل أهدى، فإن الأدب الَّذي له نعمل لم يقتصر ولم يضق حتَّى ندَع ما أحل الله إلى ما نهي عنه، ونترك سبيل الرشاد إلى سبيلٍ تنحدر بنا إلى هاويةٍ لا قرار لها، ولا عَاصِمَ منها.


(١) المحزبون: الذين يُحزِّبُون القوم، أي يجعلونهم أحزابًا ليتعصبوا لما جمعوهم له.