للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على السلطان، وتحميهم من شر العرب وبأسهم، وتسلطهم على رقاب المسلمين والنصارى أهل فلسطين. وجعلت صحفها وشركات أنبائها تذيع على العالم الأكاذيب، وتصور العرب في صورة المعتدين الباغين، وتسمى الأحرار من أبناء إبراهيم وإسماعيل عصابات ولصوصًا وفتاكا، وترميهم بالبهتان والكذب، وتستر عن العالم كله فظائع ما ترتكبه في حق الأحرار المجاهدين.

وظلت بريطانيا على ذلك الطغيان الفاجر تعمل بالدسيسة والوقيعة والكذب والتغرير، حتى جاءت الحرب العالمية الثانية، فقام الأبالسة من رجال السياسة البريطانية يفتلون في الذروة والغارب (١) من هذه العرب حتى لانوا وانخدعوا بأن بريطانيا سوف تنصفهم وتعطيهم حقهم يوم تضع الحرب أوزارها، وهي في خلال ذلك تجند اليهود في جيوشها وتزودهم بالسلاح وتدخلهم فلسطين وتظهر الكراهة لما تفعل، وتبطن الغدر فيما تريد، فاحتشدت من اليهود جيوش جرارة في فلسطين باسم الديمقراطية والدفاع عنها، وباسم الاضطهاد الذي أنزله النازيون بهم في أوربة، وبغير ذلك من الأسباب الكثيرة التي تعلقت بها السياسة البريطانية.

ووضعت الحرب أوزارها، واشتد ساعد اليهود، وهم أهل المال وحُرّاسه، فأعانوا بريطانيا، ثم لم يلبثوا أن كشفوا القناع في أمريكا وهم فيها القوة الظاهرة في انتخاب رئاسة الجمهورية وأصحاب الشركات والأموال في نواحي الاقتصاد الأمريكي، وهم شياطين الصحافة والمستولون على إعلاناتها وشركات أنبائها ورجال تحريرها، فإذا أمريكا تندفع في طريق الصهيونية غير عابئة بالحق الظاهر، ولا بمصالحها في بلاد العرب، ولا بكرامتها بين الأمم ولا بسمعتها في دواوين التاريخ. وإذا هي أشد بغيًا على العرب من بريطانيا، وإذا صحافتها أشد جلافة من الهمجي الذي لم يهذبه تأديب ولا تثقيف.


(١) فَتَل في الذروة والغارب: مَثَلٌ. والذَّرْوة: أعلى السنام، والغارِب: ما بين السنام والعنق. وأصله أن يكون البعير مُصْعَبا، فيحك صاحبه سنامه وغاربه، ويفتل الوَبَر بينهما بأصابعه حتى يؤنسه بذلك فيلين وينقاد فيستمكن منه فيخطمه.