للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو أشار إليهم ولم يسمِّهم. وتمضي الدقائق وكأنها ساعات، وإني لأشعر خلال ذلك بهذا الصراع المخيف بين إلحاح ما أَلِف وصلابة الأغلاق التي يضربها على ضمير نَفْسه وعناده الَّذي يأبى عليه الكلام عن نفسه، وبين إلحاح هذا الهم الجاثم على صدره يريد أن يجد له مَسْربًا، فقد كان الأستاذ شاكر -رحمه الله-، قاسيًا عنيفًا، ولكنه كان رقيقًا ألوفًا أيضًا، وكان جلدًا صبورًا، ولكنه ربما تخشَّع واستكان للجزع، وكان مستوحشًا آبدًا، ولكنه ربما أَلِفَ وانقاد، وكان كالطود رسوخًا وشموخًا، ولكني كنت أنفذ إليه أحيانا -عندما آنس في نفسه هذا الصراع بين القوتين- فأجد الزلزلة في قلبه، والاضطراب في نفسه، والتهدج في صوته. وعندئذ يشق كثافة الصمت الثقيل البهيم ويحدثني عما أثرتُ بما شاء إلى أن يشاء، ثم يعود إلى صمته المُصْمَت من جديد كأن لم يكن حديث. كان الأستاذ -رحمه الله- وديعًا رقيقًا باشًّا ألوفًا، وكان قلبه يفيض شفقةً ورقةً وحنانًا، ولكنه أصيب بكوائن بعد بوائق جعلت منه رجلًا ظنونًا منطويًا حزينًا فهو لذلك يضن بما في قلبه أن يطلع عليه أحد إلا بمقدار ما يريد هو.

ثم أزاحت ندوة يوم الجمعة صخرة عن باب كهف توارت في أعماقه كنوز لفَّفها الزمن في محاريبه، ضمت الندوة رجالًا مختلفى المشارب والأهواء، منهم الساسة والأدباء والشعراء، وعاشقو التراث، ومحبو الأدب الحديث، ورجال لا يمتون إلى العربية تخصصًا أو احترافًا، ولكنهم واسعو الثقافة. وأذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر الأستاذ رشاد مهنا، والأستاذ حسين ذو الفقار صبري، والشيخ الباقورى، والأستاذ عبد الله التَّل، والأستاذ وديع فلسطين، والأستاذ عبد الرحمن شاكر، والأستاذ محمود حسن إسماعيل، والأستاذ جلال كشك، والأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم، والأستاذ رشاد عبد المطلب، والأستاذ سيد صقر، والأستاذ حسن كامل الصيرفي، والأستاذ فؤاد سيد، والأستاذ ياسين جمعة، والدكتور عبد الله غنيم والدكتور يعقوب غنيم والدكتور عبد الله محارب، والأستاذ أحمد المانع والشيخ حمد الجاسر والدكتور عبد الله الطَّيب في بعض الأحايين، والدكتور أبو همام، والدكتور إحسان عباس، والدكتور

<<  <  ج: ص:  >  >>