للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وانظروا! فهذه دولة الباكستان قد اجتمعت فيها كلمة المسلمين على أن يكونوا أمة عدتها مئة مليون، فإذا عباد البُدِّ (١) (بوذا) قد دمروا عليهم من كل مكان يذبحونهم ويقتلونهم ويفتكون بالنساء والأطفال، ويهتكون أعراض الحرائر، ويدخلون على المصلين في مساجدهم فيضعون السيوف في رقابهم والخناجر في ظهورهم، ويغتالون الآلاف من الآمنين، والدنيا كلها تسمع وتبصر، فلا تجد فيهم منكرًا ولا مستبشعًا ولا معترضًا على ضراوة عباد البُدّ.

وانظروا! فهذه أندونيسيا تُجْمِع هيئة الأمم المتحدة على تركها فريسة للطغاة البغاة من شرذمة الخلق الذين يسمون بالهولنديين. ويزعمون لكم أن مجلس الأمن قد أمر بوقف القتال، فإذا هولندة تضرب صفحًا عن حكم هذا المجلس، وتوغل في تقتيل هؤلاء المساكين بالنذالة المعهودة في المستعمرين الذين لا يفرقون شيئًا بين هؤلاء البشر وحيوان الغاب، بل لعلهم بحيوان الغاب أرحم، وعليه أحرص، إبقاء على جلده أو فروه مما يرتفقون (٢) به في صناعة أو تجارة.

وانظروا! هذه بلاد المغرب من حدود مصر إلى أطراف المغرب الأقصى قد ضربت عليها فرنسا بالأسداد، وحمت عنها كل بارقة من خير، وسامت أهلها عذاب التقتيل والاضطهاد، وسلبتهم كل قوة تتيح لهؤلاء الأبطال الصناديد أن يعيشوا في بلادهم عيشة الكفاف، وشردت كل من دعا قومه إلى المطالبة بالحق المغصوب، وأراغت (٣) أن تجعل هذه البلاد الشريفة ذيلا ملحقًا بالجمهورية الفرنسية.

وانظروا فهذه مصر والسودان قد فغر لها الوحش البريطاني فاهُ يريد أن يقضم السودان قضمة واحدة ليجعله قطعة من أوغندة وجنوب إفريقية، ويدع مصر ترعة إن شاء منع عنها الماء حتى يقتل أهلها جوعًا وظمأ، وقد قضى في ديارنا أكثر من خمس وستين سنة حتى هدم كيانها. وسلط عليها لصوص الأجانب واليهود،


(١) البُدُّ: الصَّنَم.
(٢) يَرْتفِقُون: يَنْتَفِعُون.
(٣) أراغت: طلبت.