للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العربية ومواقعها من الكلام وأين هي من معانيهِ المقصودة التي توافقها. وهذا أول أثر نراه لها فنسألها أن لا يستغرَّها ثناؤنا على كتابها هذا أن تطلب الاستزادة لتصحيح الرأي وتقويم الفكر واللسان والقلم. فإن هذه اللغة الدقيقة العجيبة التي اختارها الله من لغات الناس لكتابهِ المُحكَمِ صعبةٌ شرود لا يصبر على معارفها ومجاهلها إلاَّ من أُوتىَ جَلَدًا لا يستضعف، ورزق من دقة الإحساس نصيبًا وافرًا لا ينفد. وهذه الكتب العربية التي انقطعت بيننا وبينها الأسباب فاستعجمت على كثير منا تحتاج إلى اجتهادٍ وجدٍّ حتى يعرف طالبها أسلوبها وما تنطوى عليهِ من معاني الجمال والفن كما يقولون الآن. ولنا أكبر الأمل في هذه الأديبة الناشئة أن تكون من اللواتى يذكرهن تاريخ العربية من النساء بأجمل الذكر.

* * *

٣ - كتاب الخط الكوفي *

تأليف الأستاذ يوسف أحمد مدرس الخط الكوفي بمدرسة تحسين الخطوط الملكية بالقاهرة

لقد أتى على الخط الكوفي القديم زمنٌ والناس لا يعرفون منهُ إلا اسمهُ، ويرونهُ في المساجد ولا يحسن أحدهم أن يعرف ألفهُ من يائِه. ومن المِخزيات أن لا تعرف الأمة آثار آبائها وأسلافها، فانظر أي شيء هو حين لا تعرف الخط الذي بهِ تعرف ما هي آثار آبائها وأسلافها. وكان من فضل بعض الناس علينا أن نشروا آثار أسلافنا، وكان من فضل الأستاذ يوسف أحمد على العربية ثم علينا أن رمى بنفسهِ في ظلمة الآثار البالية حتى استنارت بعلمهِ في معرفة أصول الكتابة الكوفية القديمة وتولى قراءة ما بقي لدينا من آثار آبائنا العرب. وها هو قد أخرج للناس الكتاب الصغير الجِرْم العظيم الفائدة جعلهُ موجزًا وذكر فيهِ رأي مؤرخي العرب في أصل الكتابة العربية ثم اشتقاقها من المخطوط سابقتها وما حدث من التغير والتبدل والتدرُّج في الخط الكوفي وما تلاهُ من أنواع الخطوط العربية وأردف ذلك بأمثلة


(*) المقتطف، المجلد ٨٢، مايو ١٩٣٣، ص: ٦٢٨