للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واليوم تهتم أمم الأعاجم من أوربا وأميركا بالبحث عن أصول تكوين الشخصيهّ وكيف يتيسر للرجل من الناس أن يكوّن لنفسهِ شخصية وقد ألفوا في هذا كتبًا كثيرة خلتْ من مثلها العربية في هذا العصر. ولم أقف إلاَّ على كتابين بالعربية في موضوع الشخصية وثالثهم هذا الكتاب الذي ألفتهُ امرأة وترجمتهُ امرأة. وعلى صغر هذا الكتاب فإن لهُ فائدة كبيرة. وقد ترك في نفسي أثرًا قويًّا لا أقول لأنهُ جيد جدًّا ولكن لأنهُ أثار في نفسي الرغبة في الاستزادة من هذا البحث. ولولا ضيق المقام وأن أبواب نقد الكتب في مجلاتنا لا تحتمل الإطالة والتوسع لاتّسع لي مجال القول قى تفصيل الرأي في معنى الشخصية حديثًا ومعنى السؤدد قديمًا والفرق بين الطريقين وأيّ السبيلين أهدى وأقوم ولاستطعنا أن نبين الرأي في تأثير المدنية الأوربية الطاغية في العلوم والآداب والأخلاق. . . إلى آخر ما يقال في هذا الشأن.

ونقول في هذا الكتاب أن ترجمتُه لا بأس بعربيتها من آنسة، ونودُّ أن نرى لها آثارًا قوية خيرًا من هذا الأثر وبخاصة في مثل هذا الموضوع "الشخصية" الذي يرجع أكثره إلى المرأة فإنها هي مربية العالم من المهْدِ إلى اللحْدِ وهي المدرسة التي يتخرج عليها عظماءُ الرجال وقد قيل لأُم معاوية بن أبي سفيان حين رزقت بولدها معاوية "ليسودنَّ قومه" ققالت: "ثكلْتُهُ إن لم يسدْ إلَّا قومه" فما هدأت فتنة دم عثمان - رضي الله عنه - حتى وضع معاوية يده سيدًا مطاعًا على أعظم أمة في ذلك العصر. . . وذلك بفضل أُمِّه وما أخذتهُ بهِ من أدب حتى ضرب بهِ المثل في المروءَة والحلم.

* * *

[٦ - كتاب أمير الشعراء شوقي *]

جمع وترتيب "محمد خورشيد" أستاذ الأدب العربي بمدرسة النجاح بنابلس مطبعة بيت المقدس

كان شوقي وقد (ملأ الدنيا وشَغَل الناس) كما قالوا في المتنبى، فلما ذُهب


(*) المقتطف، المجلد ٨٢، مايو ١٩٣٣، ص: ٦٣٠