للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت أشبه بجريدة الإحصاء أو سجلّ الوفيات والمواليد. ولولا ما يشوب بعض جملها من ضعف التركيب لكانت من أغلى الدرر في كتب الرحلات التي يراد بها إيقاظ الإحساس النبيل في نفوس أصحاب المجد الغابر وإرهاف الشعور السامي في قلوب طُلّاب المجد ومجدّدي حضارة العرب من أبناء هذه الأمة العربية.

بقى أن نلوم الأستاذ "فروخ" على استهانته بتأريخ ما يذكره من الحوادث بالتاريخ العربي الهجرى ذلك لأننا إذا تابعنا أصحاب الفتنة على ما يفتنوننا به من زخرف القول في الاقتصار على التاريخ الميلادى في تاريخنا لاختلط على شبابنا التاريخ، وما ظنك بألف وثلاثمائة سنة كتبت كل كتب التاريخ العربي فيها بالتاريخ الهجرى، أيسهل أن نقلب التاريخ الهجرى في الكتب العربية إلى تاريخ ميلادى؟ على شبابنا أن يعود سمعه وبصره وذاكرته على التاريخ العربي ولا يضعه بمنزلة أدنى مما تنزل الذكر الجميلة من قلبه، وعلى شبابنا أن يحترم رمزًا للمجد العربي يكاد يكون هو الباقى في حياتنا من الحياة العربية. هذا ولو أن الأستاذ فروخ اتخذ تاريخه التاريخ الميلادى لكان ذلك هيّنًا، ولكنه خلط في الكلمة الواحدة بين التاريخ الميلادى والتاريخ الهجريّ وفي ذلك من وضع العثرات في طريق القارئ ما فيه. أما ما في الكتاب من الخطأ التاريخى الذي تنبه له بعض الكُتَّاب فذلك ما نرجو الأستاذ أن يبرّئ كتابه منه في الطبعات التالية.

ثم لعلَّ الأستاذ "فروخ" سيواصل رحلاته إلى أطلال المجد العربي ويخرج لنا الدرر التي طغى عليها تراب النسيان، وستر جمالها كيد الكائدين وعنتُ المعنتين فالأمم العربية الآن تحتاج إلى من يذكّرها بمجد أسلافها وعزّ آبائها وحضارة أجدادها لتجد في نفسها مضض الحسرة وفي الحسرة الألم وفي الألم الشعور وفي الشعور الحياة والطموح والشوق إلى الفوز والغلبة.