للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الذي قاله الأستاذ سعيد الأفغاني من تقليد بعض الباحثين للمستشرقين في زعمهم أن المحدّثين والمؤرخين من العرب كان همهم نقد السند في الرواية دون المتن، قد أصاب فيه كلّ الإصابة، فإن أهم شيء في تعليل الرواية عند المحدثين هو البحث في علل المتون وأخطاء الرواة فيها، وهو الأساس الذي بني عليه الأئمة الحفاظ نقدهم الأحاديث، يعرف ذلك كل من مارس هذه الفنون الجليلة "علوم الحديث".

فما جاء في هذا الجزء من "سير أعلام النبلاء" من نقد الحديث بنوعي النقد، اللذين يريد هؤلاء المعاصرة أن يسموهما تبعًا لغيرهم "النقد الداخلي" و"النقد الخارجي": أن الحافظ المؤلف نقل (في ص ٥٥) عن مسند الإمام أحمد بن حنبل حديثًا رواه أحمد عن عثمان بن عمر عن يونس الأيلي عن أبي شداد عن مجاهد عن أسماء بنت عميس قالت: كنت صاحبة عائشة التي هيَّأتها وأدخلتْها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعي نسوة، فما وجدنا عنده قرًى إلا قدحًا من لبن، فشرب منه ثم ناوله عائشة، فاستحيت الجاريةُ، فقلت: لا تردّي يد رسول الله، خذي منه، فأخذت منه على حياء، فشربت، ثم قال: ناولي صواحبك. فقلنا: لا نشتهيه! فقال: "لا تجمعن جوعًا وكذبًا". فقلت: يا رسول الله إن قالت إحدانا لشيء تشتهيه لا أشتهيه أيعدُّ ذلك كذبًا؟ قال: إن الكذب يكتب حتى تكتب الكُذَيبة كذيبةً". وهذا الحديث في مسند أحمد (ج ٦ ص ٤٣٨) وفيه هناك خطأ مطبعي: كتب "شداد" وصوابه "أبو شداد وقال الحافظ الذهبي بعد أن نقله: "هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>