للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنا أوقن أن ضعف لغة الكتاب لم يكن عن عمد من مؤلفه، ولا تقصيرًا منه في استكمال لغته، ولكن يبدو لي - ولم يسبق لي شرف التعرُّف إليه - أنه نشأ على دراسة أجنبية، شأن كثير من نبهاء هذا العصر، ثم شغلته الحياة عن التعمق في العربية وعن التمرس بفصيح الكلام.

* * *

وقد عقد المؤلف فصلًا عن تطور الألفاظ واختلاف دلالاتها باختلاف العصور والموضوعات، وهو شيء معروف في العربية، وإن كان يوهم كلامه أنه شيء مستحدث، ثم ضرب من أمثلة ذلك كلمتي "الأبنية" بمعنى الخيام و"المصانع" بمعنى المباني، جعلهما كأنهما اصطلاح خاص أو استعمال مستحدث لابن خلدون، وليس كذلك؛ فإن "الأبنية" كما تطلق في العربية على المباني تطلق على الخيام، بل لعلها في الخيام أقدم، ففي اللسان: "البناء واحد الأبنية وهي البيوت التي تسكنها العرب في الصحراء، فمنها الطراف والخباء والبناء والقبة" و"المصانع" معروفة جاءت في القرآن الكريم: {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (١٢٩)} سورة الشعراء آية: ١٢٩. والمصانع هي ما يصنعه الناس من الآبار والأبنية وغيرها، قال الأزهري: "ويقال للقصور أيضًا مصانع".

وقد ترجم المؤلف اصطلاحًا إفرنجيًّا ترجمة عجيبة، لا تطابق المعنى، وينبو عنها السمع، فإنه نقل عن علماء الاجتماع المتأخرين تقسيم الحكمة والسلطة إلى "السلطة المنتثرة" التي لا يختص بها

<<  <  ج: ص:  >  >>