للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وابن المعتز، وعبد القاهر الجرجاني، وسواهم.

وإذًا فهذا الجانب البلاغي في الكتاب ليست له قيمةٌ إلَّا بمقدار ما يُمثِّل ما صارت إليه الثقافة النقدية من حال في القرن السابع الهجري.

وإذ انتهى من هذا الجانب البلاغيِّ العقيم شرعَ في سرد موسوعته الشعرية التي امتدّت من العصر الجاهليّ حتى القرن السابع الهجري، فكانت طريقتُه أن يسرد أبيات الشعر على الحروف الهجائية معتمدًا بدايات هذه الأبيات، وليس نهاياتها مراعيًا في سرد حرف الهجاء الذي يبدأ فيه ما يليه من حروف كأن يسرد حرف الألف فيبدأ بـ: أأ، أب، أت، أث، أج، . . . ولكنّه خرج عن طريقته هذه في حرف الألف فبدأ بالأبيات التي أولها:

"الحمد للَّه"، ثم الأبيات التي تبدأ بـ: "اللَّه"، وكأنَّه لا يريد أن يُقدِّم على اسم الجلالة وما يتّصل به من المعاني الدينية شيئًا آخر.

ولم يكن المؤلِّف غافلًا عن هذا، أو مبتدعًا له، وإنّما كان يتّبع ما درج عليه المؤلّفون في عصره، وقبله، وبعدَه من بدئهم -إذا ألّفوا في التراجم مثلًا على حروف الهجاء- بمن اسمُه محمَّد خروجًا على الترتيب الهجائي تيمَّنًا باسم الرسول الأعظم، وإكرامًا له أن يتقدَّم على اسمه اسمٌ آخر لا لشيء؛ إلَّا لأنّه يبدأ بالألف، وقد سار على هذا النهج الحُميدي في "جذوة المقتبس"، والصفدي في "الوافي بالوفيات" وعشراتٌ غيرهما إن لم يكن مئات.

وإذًا فقد كنّا ننتظر من المؤلّف أن يبدأ في حرف الألف -على سبيل المثال- بقول الشاعر الذي ذكره هو (١) بيتًا ثانيًا من الأبيات التي اختارها:

أآخر شيءٍ أنتِ في كلِّ هجعةٍ ... وأوِّلُ شيءٍ أنتِ عندَ هبوبي؟

فلم يفعل إلَّا بعد أن انتهى من الأبيات التي زانها اسمُ الجلالة كما سبق أن ذكرت. ثم تدرج في ذكر الأبيات على حروف المعجم جميعها إلى أن انتهى منها،


(١) الدر الفريد - المخطوط ١/ ١٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>