للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٢ - فصل في سراريه]

قال محمد بن علي بن بحر: سمعت حُسْنَ أم ولد أبي عبد اللَّه تقول: قلت لمولاي: يا موالي، أصرف فَرد خلخالي؟ قال: وتطيب نفسكِ؟

قلت: نعم. قال: الحمد للَّه الذي وفقك لهذا.

قالت: فأعطيته أبا الحسن بن صالح فباعه بثمانية دنانير ونصف، وفرَّقها وقتَ حملي، فلما ولدت حسنًا أعطى مولاتي كرَّامة درهما -وهي امرأة كبيرة كانت تخدمهم- وقال: اذهبي إلى ابن شجاع -جار لنا قصاب- يشتري لك بهذا رأسًا، فاشترى لنا رأسًا وجاءَت به فأكلنا، فقال لي: يا حسنُ، ما أملك غيرَ هذا الدرهم، ومالكِ عندي غير هذا اليوم، قالت: وكان إذا لم يكن عند مولاي شيء فَرِح يومَه ذلك، قالت: ودخل مولاي يوما فقال: أُريد أحتجم اليوم، وليس معي شيء، فجئت إلى جَرَّة لي فيها قريب مِنْ مَنِّ غزل، فأخرجته فبعثت به إلى بعض الحاكة فباعه بأربعة دراهم فاشتريت لحما بنصف درهم، وأعطى الحاجم درهما، واشتريتُ طيبًا بدرهم، ولما خرج مولاي إلى سُرَّ مَنْ رأى (١) كنت قد غزلتُ غزلًا ليّنًا، وعملتُ ثوبًا حسنًا، فلما قدم أخرجت إليه ذلك الثوب الحسن، وكنت قد أعطيت كراه خمسة عشر درهما من الغلة، فلما نظر إليه قال: ما أُريده.

قلت: يا مولاي عندي غير هذا من قطن غيره، فدفعمت الثوب إلى فُوران


(١) سر من رأى: مدينة كانت بين بغداد وتكريت على شرقي دجلة، وقد خربت، وفيها لغات: سامراء، وسامرا. قال الزجاجي: قالوا: كان اسمها قديما ساميرا، سميت بسامير بن نوح كان ينزلها؛ لأن أباه أقطعه إياها، فلما استحدثها المعتصم سماها سر من رأى. قال أبو عثمان المازني: قال لي الواثق: كيف ينسب رجل إلى سر من رأى؟ فقلت: سري يا أمير المؤمنين انسب إلى أول الحرفين، كما قالوا في النسب إلى تأبط شرا تأبطي. "معجم البلدان" ٣/ ٢١٥، ١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>