للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مسألة فى تفضيل الأنبياء على الملائكة عليهم السلام]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين وسلّم تسليما.

اعلم أنّه لا طريق من جهة العقل إلى القطع بفضل مكلّف على آخر، لأن الفضل المراعى فى هذا الباب هو زيادة استحقاق الثواب، ولا سبيل إلى معرفة مقادير الثواب من ظواهر فعل الطاعات، لأنّ الطاعتين قد تتساوى فى ظاهر الأمر حالهما، وإن زاد ثواب واحدة على الأخرى زيادة عظيمة، وإذا لم يكن للعقل فى ذلك مجال فالمرجع فيه إلى السّمع، فإن دلّ سمع مقطوع به من ذلك على شيء عوّل عليه، وإلا كان الواجب التوقف عنه، والشكّ فيه.

وليس فى القرآن، ولا فى سمع مقطوع على صحة ما يدلّ على فضل نبىّ على ملك ولا ملك على نبىّ. وسنبيّن أن آية واحدة مما يتعلق به فى تفضيل الأنبياء على الملائكة عليهم السلام يمكن أن يستدل بها على ضرب من الترتيب نذكره.

والمعتمد فى القطع على أن الأنبياء أفضل من الملائكة عليهم السلام على إجماع الشيعة الإمامية على ذلك، فهم لا يختلفون فى هذا، بل يزيدون عليه، ويذهبون إلى أن الأئمة أفضل من الملائكة، عليهم أجمعين السلام. وإجماعهم حجة لأن المعصوم فى جملتهم.

وقد بيّنا فى مواضع من كتبنا كيفية الاستدلال بهذه الطريقة ورتبناه، وأجبنا عن كلّ سؤال يسأل عنه فيها، وبينّا كيف الطريق مع غيبة الإمام إلى العلم بمذاهبه وأقواله، وشرحنا ذلك، فلا معنى للتشاغل به هاهنا.

ويمكن أن يستدلّ على ذلك بأمره تعالى للملائكة بالسجود لآدم عليه السلام؛ وأنه يقتضي تعظيمه عليهم، وتقديمه وإكرامه، وإذا كان المفضول لا يجوز تعظيمه وتقديمه على الفاضل علمنا أن آدم عليه السلام أفضل من الملائكة، وكل من قال: إن آدم عليه السلام أفضل من الملائكة ذهب إلى أن جميع الأنبياء عليهم السلام أفضل من جميع الملائكة، ولا أحد من الأمة فصل بين الأمرين.