للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أسرع عنى، وتباعد منى. والإجذام، بالذال المعجمة والدال غير المعجمة جميعا: الإسراع؛ فأما قول عنترة فى وصف الذّباب (١):

هزجا يحكّ ذراعه بذراعه ... قدح المكبّ على الزّناد الأجذم

الأجذم من صفة المكبّ (٢) لا من صفة الزّناد؛ فكأنه (٣) قال: قدح المكبّ الأجذم على الزّناد، وهذا من حسن التشبيه وواقعه (٤).

مسألة [في القول بوجوب الأصلح عليه تعالى]

قال الشريف المرتضى قدّس الله روحه: كان بعض الشّيوخ المتقدمين (٥) يقول: ليس بممتنع أن يمكّن الله تعالى من الظّلم من/ يعلم من حاله أنه يرد القيامة غير مستحقّ لشيء من الأعواض، أو لما يوازى القدر المستحقّ عليه

منها؛ فإذا أراد الانتصاف منه تفضّل عليه بما ينقله إلى مستحقّ العوض، ويقول: ليس هذا ببعيد ولا مستحيل، لأن العوض ليس يختص بصفة تمنع من التفضّل بمثله، ولا يجرى فى ذلك مجرى الثواب.


(١) من المعلقة بشرح التبريزى ص ١٨٠، وقبله:
وخلا الذّباب بها فليس ببارح ... غردا كفعل الشّارب المترنّم.
(٢) فى حاشيتى الأصل، ف: «هذا من باب إجراء الصفة على غير من هى له، كقولنا: مررت برجل حسن غلامه.
(٣) حاشية الأصل (من نسخة): «كأنه».
(٤) د، م: «من أحسن التشبيه وأوقعه»؛ وفى حواشى الأصل، ب، ف: «كثر القال والقيل فى هذا الحديث، فقال بعضهم: الأجذم:
المقطوع اليد، وقال آخرون: هو المجذوم. وفى معنى هذا الحديث سر، ومعناه يتضح بالحديث الآخر الّذي روى عنه عليه السلام: إنى تارك فيكم الثقلين، أحدهما كتاب الله، حبل ممدود من السماء إلى الأرض .. الحديث فلما شبه الكتاب بالحبل الّذي يتعلق به، ويجعل سببا للتوقى من الهلاك عبر عن تاركه والغافل عنه بالأجذم، وإنما عبر بكلمة الأجذم الشنعة، واللفظ المستكره لأنه إذا انقطع الحبل لم يمكن أن يمسك، وإذا كانت اليد جذماء أيضا لم يمكن الإمساك، فأراد بذلك أن الإمساك غير حاصل، لأمر يرجع إلى اليد الممسكة لا إلى الحبل لأن الحبل باق بحاله؛ فهذا أحسن، والله أعلم. ومعنى النسيان هو ترك أحكامه، والأخذ بمحارمه وحدوده؛ ولا يريد ذهاب الحفظ».
(٥) حاشية الأصل: «أبو القاسم البلخى».
وهو أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود الكعبى البلخى، أحد شيوخ المعتزلة، ورأس طائفة منهم يقال لهم: الكعبية، توفى سنة ٣١٧. (ابن خلكان ١: ٢٥٢).