للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقال للذى يحضر شراب القوم من غير أن يدعى إليه واغل؛ قال امرؤ القيس:

فاليوم فاشرب غير مستحقب ... إثما من الله ولا واغل (١)

ويقال لما يشربه الواغل: الوغل، قال الشاعر:

إن أك مسكرا فلا أشرب ال ... وغل ولا يسلم منّى البعير (٢)

وقوله صلى الله عليه وآله: «إنّ أصفر البيوت لجوف أصفر من كتاب الله»، معناه:

أخلى البيوت/؛ والصّفر عند العرب: الخالى؛ من الآنية وغيرها. ويمكن فى قوله: «مأدبة» وجه آخر؛ وهو أن يكون وجه التشبيه للقرآن بالمأدبة وتسميته بها من حيث دعا الخلق إليه، وأمرهم بالاجتماع عليه، فسماه عليه السلام «مأدبة» لهذا الوجه، لأن المأدبة هى التى يدعى الناس إليها، ويجتمعون عليها؛ وهذا الوجه يخالف الأول، لأن الأول تضمّن أنّ وجه التشبيه من حيث النفع العائد على الحافظ للقرآن كما ينتفع المدعوّ إلى المأدبة بما يصيبه من

الطّعام. وهذا الوجه الآخر تضمّن أن التشبيه وقع لاجتماع الناس فى الدعاء إليه، والإرشاد إلى إصابته. وليس يبعد أن يريد عليه السلام بالخبر المعنيين معا، فلا تنافى بينهما (٣).

*** [أخبار متفرقة عن الأصمعىّ وحضور ذهنه عند إنشاء الشعر: ]

أخبرنا أبو الحسن على بن محمد الكاتب قال أخبرنا ابن دريد قال أخبرنا أبو حاتم قال:


(١) ديوانه: ١٥٠، والرواية فيه:
* فاليوم أسقى غير مستحقب*
وفى حاشية ت (من نسخة):
* فاليوم أشرب غير مستحقب*.
(٢) اللسان (وغل)، ونسبه لعمرو بن قميئة.
(٣) فى حاشيتى الأصل، ف: «ويمكن أن يكون فى معنى الخبر وجه آخر، وهو أنه عليه السلام إنما شبه القرآن بالمأدبة لما اشتملت عليه المأدبة من أنواع الأطعمة، من الحلو والحامض والمالح وغير ذلك مما لا يكون فى غير المآدب، فكذلك القرآن يشتمل على أنواع من العلوم لا توجد فى غيره، كما قال تعالى: وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ، وهذا وجه عن الشيخ الإمام جمال الدين أبى الفتوح الرازى رحمه الله فى أثناء الدرس، وهو أقرب وأشبه من الوجهين المذكورين».