للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال سيدنا أدام الله علوّه: وقد جمعت هذه الأبيات فقرا عجيبة، وكنايات بليغة، لأنه نفى عن نفسه زيارة جارته عند غيبة بعلها، وخصّ حال الغيبة لأنها أدنى إلى الرّيبة وأخصّ بالتهمة فقال/: «ولم تنبح عليّ كلابها»، أراد: إنى لا أطرقها ليلا مستخفيا متنكّرا فتنكرنى كلابها، وتنبحنى، وهذه الكناية تجرى مجرى قول الشاعر المتقدم:

* لا أدخل البيت أحبو من مؤخّره*

وقد روى: «ولم تأنس إلى كلابها» وهذا معنى آخر، كأنه أراد أنه ليس يكثر الطروق لها والغشيان لمنزلها، فتأنس به كلابها لأن الأنس لا يكون إلّا مع المواصلة والمواترة.

وقوله:

* وما أنا بالدّارى أحاديث بيتها*

أراد به أيضا التأكيد فى نفى زيارتها وطروقها عن نفسه؛ لأنه إذا أدمن الزيارة عرف أحاديث بيتها، فإذا لم يزرها وصارمها لم يعرف، ويحتمل أن يريد: إننى لا أسأل عن أحوالها وأحاديثها كما يفعل أهل الفضول؛ فنزّه نفسه عن ذلك.

وقوله:

* ولا عالم من أىّ حوك ثيابها*

كناية مليحة عن أنّه لا يجتمع معها، ولا يقرب منها؛ فيعرف صفة ثيابها.

*** [إيراد مقطعات مختلفة لحارثة بن بدر الغدانىّ: ]

وبالإسناد المتقدّم لحارثة بن بدر الغدانىّ (١).

إذا الهمّ أمسى وهو داء فأمضه ... ولست بممضيه وأنت تعادله

ولا تنزلن أمر الشّديدة بامرئ ... إذا همّ أمرا عوّقته عواذله (٢)


(١) هو حارثة بن بدر بن حصين بن قطن بن غدانة؛ من بنى يربوع. كان من فرسان بنى تميم ووجوهها وسادتها، ولم يكن معدودا فى فحول الشعراء، ولكنه كان يعارض نظراءه فى الشعر. (وانظر أخباره وأشعاره فى الأغانى ٢١: ١٣ - ٣١).
(٢) حواشى الأصل، ت، ف: «سوفته عواذله».