للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٢٩ مجلس آخر [المجلس التاسع والعشرون: ]

تأويل آية [: أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا ... ]

إن سأل سائل عن قوله تعالى: أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا/ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ؛ [البقرة: ٢٠٢].

فقال: أىّ تمدّح فى سرعة الحساب، وليس بظاهر وجه المدحة فيه؟ .

الجواب، قلنا فى ذلك وجوه:

أولها أن يكون المعنى أنّه سريع المجازاة (١) للعباد على أعمالهم، وأنّ وقت الجزاء قريب وإن تأخر، ويجرى مجرى قوله تعالى: وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ؛ [النحل: ٧٧].

وإنما جاز أن يعبّر عن المجازاة أو الجزاء بالحساب؛ لأنّ ما يجازى به العبد هو كفء لفعله ولمقداره، فهو حساب له إذا كان مماثلا مكافئا.

وممّا يشهد بأنّ فى الحساب معنى الكفاية والمكافأة قوله تعالى: جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً؛ [النبأ: ٣٦]، أى عطاء كافيا، ويقال: أحسبنى الطعام يحسبنى إحسابا إذا كفانى، قال الشاعر:

وإذ لا ترى فى النّاس حسنا يفوتها ... وفى النّاس حسن لو تأمّلت محسب (٢)

معناه كاف.


(١) ت: «الحساب».
(٢) فى حاشيتى الأصل، ف: «يصف امرأة بالحسن ويبالغ فى وصفها؛ يقول: ما رأينا حسنا فات هذه المرأة وتعداها مع أن ما فى الناس كفاية
حسن».