للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسابعها أن يكون المعنى إلّا أن يشاء الله أن يتعبّدنا بإظهار ملّتكم مع الإكراه؛ لأنّ إظهار كلمة الكفر قد تحسن فى بعض الأحوال إذا تعبّد الله تعالى بإظهارها؛ وقوله:

أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ يقوّى هذا الوجه أيضا.

فإن قيل: فكيف يجوز من نبىّ من أنبياء الله تعالى أن يتعبّد بإظهار الكفر وخلاف ما جاء به من الشّرع؟

قلنا: يجوز أن يكون لم يرد بالاستثناء نفسه بل قومه؛ فكأنه قال: وما يكون لى ولا لأمّتى أن نعود فيها إلّا أن يشاء الله أن يتعبّد أمتى بإظهار ملّتكم على سبيل الإكراه؛ وهذا جائز غير ممتنع.

تأويل خبر [: «خير الصّدقة ما أبقت غنى»]

روى أبو هريرة عن النبىّ صلى الله عليه وآله أنه قال: «خير الصّدقة ما أبقت غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول».

وقد قيل فى قوله: «خير الصّدقة ما أبقت غنى»: قولان:

أحدهما أنّ خير ما تصدّقت به ما فضل عن (١) قوت عيالك وكفايتهم، فإذا خرجت صدقتك عنك إلى من أعطيت خرجت عن استغناء منك ومن عيالك عنها؛ ومثله فى الحديث الآخر: «إنما الصّدقة عن ظهر غنى». وقال ابن عباس رحمة الله عليه فى قوله تعالى:

وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ؛ [البقرة: ٢١٩]؛ قال: ما فضل عن أهلك.

والجواب الآخر، أن يكون أراد: خير الصّدقة ما أغنيت به من أعطيت عن المسألة، أى تجزل له فى العطيّة، فيستغنى بها ويكفّ عن المسألة؛ وذلك مثل أن يريد الرجل أن يتصدق بمائة درهم، فيدفعها إلى رجل واحد محتاج، فيستغنى بها ويكفّ عن المسألة، فذلك أفضل من أن يدفعها إلى مائة رجل لا تبين عليهم.


(١) حاشية ت (من نسخة): «ما فضل من قوت عيالك».