للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما ظنوه- وليس لها ذلك- لانصرفنا عنه بأدلة العقل الموجبة أنه تعالى لا يحول بين المرء وبين ما أمره به، وأراده منه، وكلّفه فعله؛ لأن ذلك قبيح، والقبائح عنه منفيّة.

*** [خبر حصن بن حذيفة مع أولاده حين طعنه كرز بن عامر: ]

أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزبانىّ قال حدثنى أحمد بن محمد الجوهرىّ قال حدثنا الحسن بن عليل العنزىّ قال حدثنا أحمد بن عمرو بن إسماعيل بن عبد العزيز بن عبد الرحمن ابن عوف قال حدثنى محمد بن خالد (١) بن عبد الله عن الحجاج السّلمىّ قال: لما اشتد بحصن ابن حذيفة بن بدر وجعه من طعنة كرز (٢) بن عامر إياه يوم بنى عقيل دعا ولده فقال:

إن الموت أهون مما أجد، فأيّكم يطيعنى؟ قالوا: كلنا نطيعك؛ فبدأ بأكبرهم فقال: قم فخذ سيفى واطعن به حيث آمرك، ولا تعجّل؛ قال: يا أبتاه: أيقتل المرء (٣) أباه! فأتى على القوم كلّهم/، فأجابوه جواب (٤) الأول؛ حتى انتهى إلى عيينة فقال: يا أبتاه، أليس لك فيما تأمرنى به راحة، ولي بذلك طاعة؛ وهو هواك؟ قال: بلى، قال: فمرنى كيف أصنع، قال:

قم فخذ سيفى فضعه حيث آمرك (٥)، ولا تعجّل، فقام فأخذ سيفه، ووضعه على قلبه، ثم قال: يا أبتاه، كيف أصنع؟ قال: ألق السيف؛ إنما أردت أن أعلم: أيّكم أمضى لما آمر به؛ فأنت خليفتى ورئيس قومك من بعدى، فقال القوم: إنه [سيقول فيما كان بيتا، فاحضروه] (٦) فلما أمسى قال:

ولّوا عيينة من بعدى أموركم ... واستيقنوا أنه بعدى لكم حام

إما هلكت فإنى قد بنيت لكم ... عزّ الحياة بما قدّمت قدّامى

واستوسقوا للتى فيها مروءتكم ... قود الجياد، وضرب القوم فى إلهام (٧)


(١) ش: «عمر بن خالد».
(٢) من نسخة بحاشيتى الأصل، ف: «كريز».
(٣) ش: «الرجل».
(٤) ف: «بجواب الأول». حاشية الأصل (من نسخة):
«الجواب الأول».
(٥) حاشية الأصل (من نسخة): «كما أمرت به».
(٦) م: «إنه سيقول فى ذلك شيئا فيما بيننا، فأحضروه».
(٧) استوسقوا: انضموا واجتمعوا، وفى حاشية الأصل: «نصب «قود الجياد»، على تقدير فعل مضمر؛ كأنه قال: أعنى قود الجياد».