للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال لبيد فى التسويم الّذي هو التعليم:

وغداة قاع القرنتين أتينهم ... رهوا يلوح خلالها التسويم (١)

أراد التعليم.

وأما قوله فى الملائكة: مُسَوِّمِينَ؛ فالمراد به المعلمين، وكذلك قوله تعالى: حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ. مُسَوَّمَةً أى معلمة؛ وقيل: إنه كان عليها كأمثال الخواتيم.

*** [طائفة من أشعار البحترىّ فى ذم الشيب والتألم من فقد الشباب]

قال سيدنا أدام الله علوّه: ونعود إلى ما كنا وعدنا به من ذكر ما للبحترىّ فى ذمّ الشيب والتألم من فقد الشباب؛ فمن ذلك قوله (٢):

وكنت أرجّى فى الشّباب شفاعة ... فكيف لباغى حاجة بشفيعه (٣)

مشيب كنثّ السّرّ عىّ بحمله ... محدّثه، أو ضاق صدر مذيعه (٤)

تلاحق حتّى كاد يأتى بطيئه ... لحثّ اللّيالى قبل أتى سريعه

وما أحسن هذا من كلام! وأبلغه وأطبعه (٥)!


(١) ديوانه: ١: ١٠٤ وفى حاشية الأصل: «بعد هذا البيت:
بكتائب رجح تعوّد كبشها ... نطح الكباش كأنهنّ نجوم
والقرنتان: موضع، ورها فى السير رهوا أى رفق، قال القطامىّ:
يمشين رهوا، فلا الأعجاز خاذلة ... ولا الصّدور على الأعجاز تتّكل.
(٢) ديوانه ٢: ٩٠، والشهاب: ١٣، وفى حاشيتى الأصل، ف: «يقول: كنت أرجى أن يكون الشباب شفيعى. ويجوز أن يكون المعنى: كنت أرجى فى شبابى شفاعة إلى الحسان من طراوتى وحسنى».
(٣) فى حاشيتى الأصل، ف: «يعنى أنه جد محتاج إلى الشفيع؛ ولكنه ولى وذهب».
(٤) من نسخة بحاشيتى الأصل، ف: «كبث السر». وفيهما أيضا: «أى أنه كان كالسر تبرم به صاحبه فأفشاه».
(٥) ذكر المرتضى فى الشهاب تعليقا على هذه الأبيات: «وهذا والله أبلغ كلام وأحسنه وأحلاه وأسلمه وأجمعه لحسن اللفظ وجودة المعنى؛ وما أحسن ما شبه تكاثر الشيب وتلاحقه بيت السر عن ضيق صدر صاحبه وإعيائه بجمله وعجزه عن طيه! ويشبه بعض الشبه قوله:
* تلاحق حتى كاد يأتى بطيئه*
-