للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنكرت بعدك من قد كنت أعرفه، ... ما الناس بعدك يا مرداس بالناس

إمّا تكن ذقت كأسا دار أوّلها ... على القرون فذاقوا نهلة الكاس

قد كنت أبكيك حينا ثم قد يئست ... نفسى فما ردّ عنّى عبرتى ياسى

*** [طائفة من أشعار قطرىّ بن الفجاءة: ]

وأخبرنا أبو عبيد الله المرزبانىّ قال أخبرنا ابن دريد قال حدثنا الأشناندانىّ قال قال التوزيّ: كنت إذا أردت أن أنشط أبا عبيدة سألته عن أخبار الخوارج فأبعج منه ثبج بحر؛ فجئته يوما وهو مطرق ينكت الأرض فى صحن المسجد؛ وقد قربت منه الشمس، فسلمت عليه فلم يردد (١)، فتمثلت:

وما للمرء خير فى حياة ... إذا ما عدّ من سقط المتاع

- والبيت لقطرىّ بن الفجاءة- فنظر إلى وقال: ويحك! أتدري من يقوله؟ قلت:

قطرىّ، فقال: اسكت، رضّ (٢) الله فاك! فألّا قلت: أمير المؤمنين أبو نعامة (٣)! ثم انتبه فقال: اكتمها عليّ يا توّزىّ، فقلت: هى ابنة الأرض، فأنشدنى:

أقول (٤) لها إذا جاشت حياء ... من الأبطال ويحك لن تراعى (٥)

فإنّك لو طلبت حياة يوم ... على الأجل الّذي لك لم تطاعى (٦)

فصبرا فى مجال الموت صبرا ... فما نيل الخلود بمستطاع


(١) د؛ ومن نسخة بحاشيتى الأصل، ف، : «فلم يرد».
(٢) حاشية الأصل (من نسخة):
«فض الله فاك».
(٣) هى كنية قطرى بن الفجاءة بن مازن الخارجى؛ كان زعيما من زعماء الخوارج؛ خرج زمن مصعب بن الزبير سنة ٦٦، وبقى عشرين سنة يقاتل ويسلم عليه بالخلافة؛ وكان الحجاج يسير إليه جيشا، وهو يستظهر عليه، إلى أن توجه إليه سفيان بن أبرد الكلبى، فظهر عليه وقتله سنه ٧٨، (ابن خلكان ١: ٤٣٠).
(٤) الأبيات فى الحماسة- بشرح التبريزى ١: ٩٦ - ٩٧.
(٥) د، ومن نسخة بحاشية الأصل: «وقد جاشت». وفى حاشية الأصل (من نسخة):
«وقد طارت حياء»، ورواية الحماسة: «وقد طارت شعاعا»؛ الشعاع: المتفرق، والخطاب لنفسه؛ ولن تراعى، من الروع، وهو الفزع.
(٦) الحماسة: «بقاء يوم».