للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به، ثم ذهبت لأصنع معاذيرى لما كان من خلافى على الحجّاج مع عبد الرحمن بن محمد الأشعث فقال: مه! فإنا لا نحتاج إلى هذا المنطق، ولا تراه منّا فى قول ولا فعل حتى تفارقنا. ثم أقبل عليّ فقال: ما تقول فى النابغة؟ قلت: يا أمير المؤمنين، قد فضّله عمر بن الخطاب/ فى غير موطن على جميع الشعراء، وذلك أنّه خرج يوما وببابه وفد غطفان، فقال: يا معاشر غطفان، أىّ شعرائكم الّذي يقول:

حلفت فلم أترك لنفسك ريبة ... وليس وراء الله للمرء مذهب (١)

لئن كنت قد بلّغت عنّى خيانة ... لمبلغك الواشى أغشّ وأكذب

ولست بمستبق أخا لا تلمّه ... على شعث، أىّ الرّجال المهذّب!

قالوا: النابغة، قال: فأيّكم الّذي يقول:

فإنك كاللّيل الّذي هو مدركى ... وإن خلت أنّ المنتأى عنك واسع (٢)

خطاطيف حجن فى حبال متينة ... تمدّ بها أيد إليك نوازع (٣)

قالوا: النابغة، قال: أيّكم الّذي يقول:

إلى ابن محرّق أعملت نفسى ... وراحلتى وقد هدت العيون (٤)

أتيتك عاريا خلقا ثيابى ... على خوف تظنّ بى الظّنون

فألفيت الأمانة لم تخنها ... كذلك كان نوح لا يخون

قالوا: النابغة، قال: هذا أشعر شعرائكم.


(١) ديوانه ١٣ - ١٢، وفى م بعد هذا البيت:
ألم تر أنّ الله أعطاك سورة ... ترى كلّ ملك دونها يتذبذب
لأنّك شمس والملوك كواكب ... إذا طلعت لم يبد منهنّ كوكب
ولم يذكر البيتان فى الأصول المخطوطة.
(٢) ديوانه: ٥٥.
(٣) خطاطيف: جمع خطاف، وهو ما يخرج به الدلو من البئر. وحجن:
معوجة، واحدها أحجن. ونوازع: جواذب.
(٤) أصله: «هدأت»، بالهمز.