للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مجلس آخر ٥٥

تأويل آية [وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ]

إن سأل سائل عن قوله تعالى: وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ، [البقرة: ٣١].

فقال: كيف يأمرهم أن يخبروا بما لا يعلمون، أوليس ذلك أقبح من تكليف ما لا يطاق؛ الّذي تأبونه؛ والّذي جوّز (١) أن يكلّف تعالى مع ارتفاع القدرة لا يجوّزه.

/ الجواب، قلنا: قد ذكر فى هذه الآية وجهان:

أحدهما أنّ ظاهر الآية إن كان أمرا يقتضي التّعلّق بشرط، وهو كونهم صادقين عالمين بأنهم إذا أخبروا عن ذلك صدقوا- فكأنه قال لهم: خبّروا بذلك إن علمتموه؛ ومتى رجعوا إلى نفوسهم فلم يعلموا، فلا تكليف عليهم. وهذا بمنزلة أن يقول القائل لغيره: خبّرنى بكذا وكذا إن كنت تعلمه، أو إن كنت تعلم أنك صادق فيما تخبر به عنه.

فإن قيل: أليس قد قال المفسرون فى قوله تعالى: إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ إنّ المراد به: إن كنتم تعلمون بالعلّة التى من أجلها جعلت فى الأرض خليفة، أو إن كنتم صادقين فى اعتقادكم أنكم تقومون بما أنصب الخليفة له، وتضطلعون به، وتصلحون له؟ .

قلنا: قد قيل كل ذلك، وقيل أيضا ما ذكرناه؛ وإذا كان القول محتملا للأمرين جاز أن يبنى الكلام على كل واحد منهما؛ وهذا الجواب لا يتمّ إلّا لمن يذهب إلى أن الله تعالى يصحّ أن يأمر العبد بشرط قد علم أنه لا يحصل، ولا يحسن أن يريد منه الفعل على هذا


(١) حاشية الأصل (من نسخة): «ومن يجوّز».