للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباء فى مثل هذا الموضع غير منكر زيادتها؛ وذلك موجود كثير فى القرآن والشعر؛ قال الله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ؛ [العلق: ٩٦]، عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ؛ [الإنسان: ٦]، وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ [مريم: ٢٥]، تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ؛ [الممتحنة: ١].

وقال الأعشى:

ضمنت برزق عيالنا أرماحنا

وقال امرؤ القيس:

هصرت بغصن ذى شماريخ ميّال (١)

وأظنّ أبا عليّ إنما أنّسه بهذا الجواب أنه وجد تاليا للآية لفظ أمر؛ وهو قوله تعالى:

وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ، فحمل الأول على الثانى؛ والكلام لا تشتبه معانيه من حيث المجاورة؛ بل الواجب أن يوضع كلّ منه حيث يقتضيه معناه.

*** قال: المرتضى وجدت جماعة من أهل الأدب يستبعدون أن يرتج على إنسان فى خطبة أو كلام قصد له، فينبعث منه فى تلك الحال كلام هو أحسن مقصد إليه؛ وأبلغ ممّا أرتج عليه دونه ويقولون: إنّ النسيان لا يكون إلا عن حيرة وضلالة؛ فكيف يجتمع معهما البراعة الثاقبة، والبلاغة المأثورة؛ مع حاجتهما إلى اجتماع الفكرة وحضور (٢) الذكر! وينسبون جميع ما يحكى من كلام مستحسن، ولفظ مستغرب (٣) عمّن حصر فى خطبة أو فى منطق إلى أنه موضوع مصنوع.


(١) ديوانه: ١٩؛ وصدره:
* فلما تنازعنا الحديث وأسمحت*
تنازعنا: تعاطينا. أسمحت: لانت وانقادت.؛ ويريد بالشماريخ هاهنا خصائل الشعر؛ وأصل الشمراخ: الغصن.
(٢) حاشية ف (من نسخة): «حصول».
(٣) حاشية ف (من نسخة): «مستعذب».