للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خبره مع الكميت حين عرض عليه أبياتا له من قصيدة]

وقد روى أن الكميت بن زيد الأسدىّ لما عرض على الفرزدق أبياتا من قصيدته التى أولها:

أتصرم الحبل حبل البيض أم تصل ... وكيف والشّيب فى فوديك مشتعل

لما عبأت لقوس المجد أسهمها ... حيث الجدود على الأحساب تنتضل (١)

أحرزت من عشرها تسعا وواحدة ... فلا العمى لك من رام ولا الشّلل (٢)

الشّمس أدّتك إلّا أنّها امرأة ... والبدر أدّاك إلّا أنه رجل (٣)

حسده الفرزدق، فقال له: أنت خطيب، وإنما سلّم له الخطابة ليخرجه عن أسلوب الشعر. ولما بهره من حسن الأبيات وأفرط بها إعجابه، ولم يتمكن من دفع فضلها جملة عدل فى وصفها إلى معنى الخطابة (٤).


(١) فى حاشيتى الأصل، ف: «عبأت: هيأت، والجدود، جمع الجد؛ وهو البخت، وتنتضل:
تناضل وترامى».
(٢) فى حاشيتى الأصل، ف: «يقال للرامى المصيب: لا عمى ولا شلل».
(٣) فى حاشيتى الأصل، ف: «يعنى أن أباك البدر وأمك الشمس، وإلا تقرير».
(٤) حاشية ف: «حدث إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدى عن عبد الله بن إسحاق بن سلام قال:
أتى الكميت باب مجلس يزيد بن المهلب يمتدحه، فصادف على بابه أربعين شاعرا؛ فقال للآذن: استأذن لى على الأمير؛ فاستأذن له عليه، فأذن له، فقال: كم رأيت بالباب من شاعر؟ قال: أربعين شاعرا قال: فأنت جالب التمر إلى هجر، فقال: إنهم جلبوا دقلا، وجلبت أزاذا، فقال: هات أزاذك، فأنشده:
هلّا سألت منازلا بالأبرق ... درست وكيف سؤال من لم ينطق!
لعبت بها ريحان: ريح عجاجة ... بالسّافيات من التّراب المعنق
والهيف رائحة لها ينتاحها ... طفل العشىّ بذى حناتم شرّق
تصل اللّقاح إلى النتاج مربّة ... لخفوق كوكبها وإن لم يخفق
غيّرن عهدك بالدّيار وما يكن ... رهن الحوادث من جديد يخلق
إلّا خوالد فى المحلّة بيتها ... كالطّيلسان من الرّماد الأورق
ومشجّجا ترك الولائد رأسه ... مثل السّواك ودمنة كالمهرق
-