للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} (١). كما تطير أهل القرية برسلهم الناصحين وهددوهم بالرجم والعذاب الأليم {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} (٢). وتطيرت ثمود بنبيها صالح عليه السلام وقد طلب إليهم ألا تستعجلوا للسيئة قبل الحسنة، وأوصاهم بالاستغفار لعلهم يرحمون: {قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ} (٣).

عباد الله لم لا يكون التطير حرامًا وهو يصور لصاحبه الخير شرًا والحق باطلًا، وربما دفع بصاحبه إلى فعل المكروه أو الإحجام عن فعل المحبوب، وهو أولًا وآخرًا لا ينجي من المقدور، وليس بمقدور صاحبه أن يكتشف الغيب المستور ولذا رفضه بعض عقلاء الجاهلية وقال شاعرهم:

الزجر والطيب والكهانُ كلهم مُضللون ودون الغيب أقفال

وقال الرقشي:

ولقد غدوت وكنت لا ... أغدو على واقٍ وحاتم

فإذا الأشائم كالأيامن ... والأيامن كالأشائم

وكذلك لا خير ولا ... شرَّ على أحدٍ بدائم

لا يمنعنك من بغاء ... الخير تعقادُ التمائم (٤)

أما المسلم فيمنعه من التشاؤم عدة أمور رضاه بقضاء الله وقدره وثقتُه بأن ما يقدره الله له فيه خير فإن أصابته سراءُ شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراءُ صبر فكان خيرًا له.


(١) سورة الأعراف، آية: ١٣١.
(٢) سورة يس، آية: ١٨.
(٣) سورة النمل، آية: ٤٧.
(٤) الطيرة والفأل في الكتاب والسنة، محمود الجاسم ص ١٣، ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>