للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عباد الله! الناسُ في هذه الدنيا وفي الآخرة من الساعة صنفان، فصنفٌ غافلون لاهون، آمنون، لا يؤمنون ببعث ولا نشور، أولئك تضيع أعمارُهم في البحث عن اللذة العاجلة، ولا يؤمنون إلا بالمادة المحسوسة، تنتهي مداركهمُ عند حدود الدنيا، فلها يحبون ومن أجلها يبغضون، وعندها تقف طموحاتهمُ وآمالُهم وأولئك هم الخاسرون في الآخرة .. وهم المبلسون عند قيام الساعة، ولهم الويلُ والثبور عند البعث والنشور.

وعنهم قال تعالى: {ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون} (١).

{ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون} (٢).

{قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون} (٣).

وأما النصفُ الآخرة فهم المؤمنون بقيام الساعة، والمشفقون منها في الدنيا، لعلمهم أنها حق .. أولئك عرفوا الله فخافوه وراقبوه بما يأتون أو يدعون، وخافوا الآخرة فعملوا لها .. وهانت عليهم الدنيا فلم تلههم ولم تفتنهم بزخرفها .. وأولئك هم الآمنون عند قيامها .. ومنازلهم في الجنان والرياض بها يتنعمون، وبإيمانهم وخوفهم وعملهم يجازون، ولا يظلم ربك أحدًا، تأمل يا أخا الإسلام حال الفريقين في الدنيا في قوله تعالى: {يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين ءامنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق إلا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد} (٤).


(١) سورة الجاثية، آية: ٢٧.
(٢) سورة الروم، آية: ١٢.
(٣) سورة يس، آية: ٥٢.
(٤) سورة الشورى، آية: ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>