للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُرى يا أخا الإسلام- إذا عظمت اليهودُ، وقريشٌ هذا اليوم، وهم كفرةٌ ووثنيون .. أفلست الأولى بتعظيم هذا اليوم منهم، وأنت المسلمُ تربطك بالمؤمنين الناجين رابطةُ العقيدة والإيمان، وإن حجزت فواصلُ الزمان والمكان؟ فأمتكم أمةٌ واحدةٌ بنصِّ القرآنِ.

الوقفة الثالثة: ومن شكرِ اللهِ وتعظيمِ هذا الشهرِ صيامُه، أو صيامُ عاشوراء منه.

فقد أخرج الإمام مسلمٌ في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أفضلُ الصيام بعد شهرِ رمضان شهرُ اللهِ المحرم، وأفضل الصلاة بعد المكتوبةِ صلاة الليل)) (١).

فإن قيل: فما الجمعُ بين ما ورد في فضل صيامِ شهرِ الله المحرم، وما ورد في فضل صيام شعبان، وإكثاره صلى الله عليه وسلم من الصوم فيه، حيث ورد في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: وما رأيتهُ صلى الله عليه وسلم أكثرَ صيامًا منه في شعبان، وفي رواية أخرى له: ((وكان يصوم شعبان كلَّه)) (٢).

فقد أجاب على ذلك النوويُّ بقوله: يحتمل أن يكون ما علم بفضل صومِ محرم إلا في آخرِ عمره فلم يتمكن من كثرة الصومِ في المحرم، أو أنه اتفق له فيه من الأعذار بالسفر والمرض مثلًا ما منعه من كثرةِ الصومِ في محرم (٣).

وبكل حالٍ فإن شقَّ عليك كثرةُ الصوم في شهرِ الله المحرم فحنانيك أن تُغلب على صيامِ عاشوراء منه، فقد ورد في فضله ((وصيام عاشوراء أحتسب على الله أن


(١) مسلم ١١٦٣، جامع الأصول ٩/ ٢٧٣.
(٢) الصحيح مع الفتح ٤/ ٢١٣ ح ١٩٦٩، ١٩٧٠.
(٣) النووي شرح مسلم ٨/ ٥٥، الفتح ٤/ ٢١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>